الوصول السريع للمحتويات

5 كتب لفهم بنية تنظيم داعش وملابسات توسعه

السلطة السوداء.. الدولة الإسلامية واستراتيجيو الإرهاب

الكتاب من تأليف “كريستوفر رويتر” الصحفي في مجلة “دير شبيغل” الألمانية، نقله إلى العربية محمد سامي الحبال عن منتدى العلاقات العربية الدولية ويقع في 354 صفحة. يتناول الكتاب بعمق تحليلي وعرض توثيقي حافل بالمعطيات والمعلومات ملابسات تأسيس وتوسع تنظيم داعش في العراق وسوريا. وقد استهل المؤلف كتابه بمحاولة تقديم تفسير مقنع للصعود السريع للتنظيم رابطا بين ذلك وبين تحلل سلطة الدولة، واستفادته من الكوادر العسكرية والأمنية للنظام العراق السابق، وتقاطع المصالح بين بينه وبين النظام السوري، مع استبعاده التام لفرضية أن يكون التنظيم صناعة استخباراتية، رغم أن النظاموالسوري في أكثر من مناسبة تجنب قصف مواقع التنظيم  في دعم غير مباشر لتوسعه على حساب قوات المعارضة السورية.

رصد الكاتب في أحد محاور الكتاب تاريخ التنظيم منذ دخول الزرقاوي إلى العراق وتوظيفه لطبيعة المجتمع العراقي المنقسم طائفيا إلى سنة وشيعة من أجل تأسيس مشروعه واستدراج مكونات المجتمع إلى حرب طاحنة تغطي على تغلغل مجموعاته في المجتمع. ورصد الكاتب في استعادة دقيقة للأحداث حيثيات سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل ثاني أكبر المدن في العراق، نافيا وجود أي مؤامرة أفضت إلى تسليم المدينة له، مؤكدا وجود عملية عسكرية خطط لها سابقا على نطاق واسع جمعت تحالفا من الفصائل الصوفية والبعثية والقومية التي ركزت جهودها على اقتحام الموصل. وفي محور لاحق تناول الكاتب كارثة زحف التنظيم على القرى الأيزيدية، مسهبا في عرض التفاصيل المتعلقة بسبي الفتيات الأيزيديات. وفي حديثه عن النشاط الإعلامي لداعش أشار الكاتب الى أنه استخدام الإعلام كما لم يفعل أي تنظيم إرهابي من قبل، وحلل الكاتب ببراعة صحفي متمرس في قضايا الإعلام والصورة المقاطع الدعاية للتنظيم كاشفا عن رؤية مدروسة في كل مادة ينتجها ويبثها.

سرداب الدم.. نصوص داعش، دراسة نقدية وتحليلية

الكتاب من تأليف الكاتب والأكاديمي المصري هاني نسيرة، صادر عن دار صفصافة للنشر في 199 صفحة، ويركز فيه الكاتب على البعد النظري الذي أسس عليه تنظيم داعش شرعيته، وأشار الكاتب في أولا إلى الأزمة التي عاشها التنظيم في بداية الإعلان عنه خصوصا من ناحية افتقاره الى الأدبيات الشرعية التي يمكنه الاعتماد عليها في تقديم نفسه كخلافة تحظى بالشرعية، خصوصا وهو بصدد  القطيعة مع تنظيم القاعدة ومنظري التيار السلفي الجهادي مثل أبي محمد المقدسي وأبي قتادة الفلسطيني. وعرض الكاتب لبداية الاشتباك النظري بين منظري القاعدة  ومنظري داعش الصاعدين مثل عثمان ال نازح وأبو الحسن الكويتي وتركي البنعلي وابو بكر القحطاني، منوها إلى أن داعش اعتمد على جيل صغير السن وحديث التجربة وأناط به مهمة الرد على خصوم “الخلافة”.

وخصص نسيرة فصلا من الكتاب عرف فيه بممثلي الخطاب الشرعي للتنظيم عززه بتراجم مختصرة لأهمهم، معرضا نصوصهم للتحليل والنقد. ونبه إلى أن الخطاب الشرعي للتنظيم وردوده موجهة أساسا الى التيار الجهادي ومنظريه وليس إلى المؤسسات والشخصيات الدينية الرسمية في العالم الإسلامي، وعرج الكاتب على ما سماه “نماذج الانفلات الشرعي لداعش” ويقصد به مجموعة من الفتاوى الشاذة التي صدرت عن التنظيم في مناسبات متفرقة، مثل جواز قتل النساء والصبيان والتحريق بالنار وغيرها. قيمة كتاب هاني نسيرة تكمن في تسليطه الضوء على ذلك المنعطف الحاسم في تاريخ التنظيم والمتمثل في بداية التأسيس لفقه التوحش داخله وتفاصيل قطيعته الأيديولوجية مع تنظيم القاعدة.

دولة الخلافة.. التقدم إلى الماضي، داعش والمجتمع المحلي في العراق

الدراسة من إعداد الباحث فالح عبد الجبار، صادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في 380 صفحة. ويعتبر الكتاب من أهم الدراسات التي تناولت علاقة تنظيم داعش بالمجتمعات المحلية في العراق، وتوخت الدراسة في أساسها نقض التصورات والأحكام المسبقة التي ربطت بين نشأة وتوسع داعش وبين وجود حاضنة اجتماعية له داخل العراق، وعزا الباحث انتشار التنظيم إلى إخفاق الدولة العراقية في التعامل مع تعددية المجتمع  وتنوع حساسياته، وأيضا إلى وجود فكرة الخلافة لدى قطاع عريض من الناس في العالم الإسلامية استلهموها من التراث والتاريخ الديني. 

وترصد الدراسة التي اعتمدت في نتائجها على مقابلات ميدانية وحوارات فردية وجماعية تفاعل المجتمعات المحلية في العراق مع “دولة الخلافة” خصوصا أجهزتها التي كان لها تماس مباشر مع الناس مثل جهاز الحسبة والمحاكم الشرعية وبيت المال وغيرها، والتوترات التي عرفتها العلاقة بين كيان الخلافة وشرائح المجتمع من الفئات المتعلمة والطبقات ذات الاعتبار والمكانة كرجال الأعمال والسياسيين وشيوخ العشائر. أهمية الدراسة تكمن في استنادها إلى المعاينة الميدانية والمقابلات المعمقة التي قام بها المؤلف بالتعاون مع مجموعة من الباحثين والمتخصصين في الحقول الاجتماعية، الذين حاولوا دراسة “مخيال” أو تصور المجتمع السني في العراق لتنظيم داعش قبل وبعد اجتياحه لمناطقهم، ولتصورهم أيضا لطبيعة الدولة الفاشلة التي يعيشون في كنفها، وعزز من مصداقية الدراسة  وثرائها اعتمادها على عشرات الخرائط والبيانات الاحصائية التي مكنت الباحث من تقديم خلاصاته النظرية مشفوعة بلغة الارقام.

عالم داعش من النشأة إلى الخلافة 

الكتاب من تأليف الباحث العراقي الراحل هشام الهاشمي، وصدر عن دار الحكمة في لندن ودار بابل في بغداد ويقع في 319 صفحة. الكتاب يعتبر مرجعا مهما لفهم الهيكلية التنظيمية لداعش، والتعرف على قياداته الفاعلة وطبيعة أدوارهم وخطط العمل التي انتهجها منذ ظهوره. ينطلق الكاتب في تاريخه للتنظيم من لحظة الأفغان العرب معرجا على أهم المحطات والمنعطفات التي أدت في النهاية إلى صعود داعش وتصدره للمشهد العالمي. الهاشمي حرص على عرض تفاصيل دقيقة  حول الكيانات التي سبقت ظهور داعش مثل “القاعدة في العراق” و”مجلس شورى المجاهدين” و”تنظيم دولة العراق الاسلامية” مقدما معلومات لم تنشر من قبل حول قياداتها ومناصبهم وأدوارهم،  وأيضا الأدوار التي اضطلعت بها العناصر الوافدة، وأسماء أهم أبرزهم. شرح الكاتب أيضا تكتيكات التنظيم وأساليبه في التجنيد والتدريب والتمويل والإعلام.

قيمة كتاب الهاشمي تكمن في إحاطته المفصلة بسياقات نشأة تنظيم داعش وإلمامه بخريطة الفصائل العراقية إبان التدخل الأمريكي وما صاحبه من انفلات أمني وفوضى عارمة، فقام المؤلف بتقديم جرد مختصر بأهم المجموعات المسلحة الناشطة في العراق حينها بما فيها جماعة الصحوة التي ظهرت في الأنبار كرد فعل على العنف الذي مارسته القاعدة ضد العشائر السنية وطبيعة الدعم الذي كانت تحصل عليه هذه الفصائل من الخارج وعلاقاتها بالقاعدة. وتناول الكاتب في محاور الكتاب اللاحقة بإسهاب لا يوجد في دراسة أخرى البنية التنظيمية لداعش في مناطق العراق المختلفة وأسماء رجالها النافذين وقناعاتهم الشخصية وكيف أثروا في مسار ومصير التنظيم بعد ذلك. ختم المؤلف كتابه بجملة من التوصيات التي اعتبرها ناجعة لمكافحة الإرهاب والحد من تمدد شبكاته.

بوكو حرام.. التمرد في نيجيريا 

الكتاب من تأليف فرجينيا كومولي وترجمة هيثم نشواتي عن منتدى العلاقات العربية الدولية ويقع  في 336 صفحة.

مع تحول نيجيريا إلى بؤرة ملتهبة ومعقل  لتنظيم داعش في غرب إفريقيا تشتد الحاجة إلى فهم الخلفية التاريخية لظهور الجماعات الإسلامية المسلحة هناك وكيف آلت الاوضاع في النهاية إلى تبوأ تنظيم داعش صدارة المشهد في نيجيريا وهو ما يمنحه كتاب فرجينيا كومولي. استعرضت الكاتبة أهم الجماعات الاسلامية المتشددة التي كانت تنشط في نيجريا منذ عقود مثل “جماعة الدعوة” و “جماعة أهل السنة والجماعة، نيجيريا الاسلامية” و”جماعة إزالة البدع” و”جماعة ميتاتسين” ولفتت الكاتبة الى أن القاسم المشترك بينها يكمن في معارضتها للحكومة النيجيرية، واستنكارها لشيوع القيم الغربية في المجتمع النيجيري، وأدى فشل الحكومات المتعاقبة في التعامل مع هذه الحركات واحتواءها الى توترات وأعمال عنف. 

وفي فصل خاص بجماعة بوكو حرام أشارت الكاتبة إلى التعقيد والغموض الذي يلف الدوافع الحقيقية وراء نشاط الجماعة وعنفها وعبرت عن استغرابها لتباين الآراء بشأنها في بحث ميداني أجرته في 2013  في نيجيريا، لكنها  واكبت تطور الجماعة من جماعة دينية منعزلة إلى حركة تمرد استخدمت العنف واحتجاز الرهائن في فرض توجهاتها، ودرست مسيرتها بتفصيل منذ زعيمها الأول محمد يوسف إلى الزعيم الذي أثار الجدل بغرابة أطواره ووحشيته أبوبكر شيكاو، وركزت الكاتبة في فصل لاحق على حيثيات تدويل الجماعة وعبورها للحدود في اتجاه الكاميرون وتشاد والنيجر وافريقيا الوسطى. الكتاب في مجمله مهم لفهم سياقات وخلفيات العنف ذي الخلفية الدينية الذي جعل من دول غرب افريقيا “ولايات داعشية” راهن عليها قادة التنظيم في تعويض خسائره في سوريا والعراق.

مشاركة المحتوى

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاشتراك في القائمة البريدية