الوصول السريع للمحتويات

تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.. التكوين، الخطاب، الإستراتيجية (1)

مقدمة:

في بداية تسعينيات القرن الماضي تقاطعت ثلاثة أحداث رئيسية كان لها الدور الأبرز في ظهور الحركات الجهادية العنيفة في شبه الجزيرة العربية، وهي: انهيار الاتحاد السوفياتي وانتصار الجهاد الأفغاني وما خلفه ذلك من فائض في الكوادر الجهادية العربية المدربة، ثم اندلاع حرب الخليج وما استتبعه ذلك من نزول الجيش الأمريكي في الجزيرة العربية واستقراره بها، وأخيرا فشل تيارات الصحوة في تحقيق برامجها الإصلاحية والزج بمعظم رموزها في المعتقلات أو لجوئها للمنافي الخارجية. هذه العوامل كانت بمثابة الأرضية التي تأسست عليها المحاولات “الجهادية” الأولى في اليمن والسعودية وتطورها لاحقا لتأخذ صيغا تنظيمية مهيكلة؛ انخرطت في العمل المسلح في اليمن أولا ثم في السعودية ثانيا؛ حيث قامت بعدد من عمليات الخطف والاغتيال وتفجير المقرات والمجمعات السكنية التي يقطنها الأجانب، لكن سرعان ما وضعت السلطات الأمنية في السعودية يدها على مفاصل التنظيم الناشئ، فتمكنت من تفكيك خلاياه وتصفية قادته المؤسسين واعتقال منظريه. لينحاز من تبقى منهم إلى اليمن والإعلان من هناك عن تنظيم موحد يجمع جهاديي اليمن والسعودية تحت قيادة ميدانية واحدة يحمل اسم “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب”.

سنحاول في هذه الدراسة رصد مسار تنظيم القاعدة في اليمن والسعودية، واستجلاء ملامح خطابه الشرعي وعقيدته القتالية وخصائص تجربته ومميزات أدائه، ودوره في الاستراتيجية العامة لتنظيم القاعدة، واستشراف مستقبله، وذلك في ضوء المادة الإعلامية والفكرية الصادرة عنه، وما احتوت عليه “وثائق أبوت أباد” من رسائل وتوجيهات تبادلها أسامة بن لادن مع قادة تنظيميه حول جزيرة العرب، وتضمنت ملاحظات مهمة لا يمكن فهم دواعي تأسيس فرع للقاعدة في جزيرة العرب دون الاطلاع عليه.

بن لادن وجزيرة العرب.. مقدمات لابد منها

لعل الكثير من المتابعين للظاهرة الجهادية ولتنظيم القاعدة على وجه خاص لا يدركون أن استقرار أسامة بن لادن في أفغانستان لم يكن عن سابق تدبير وتصميم وإنما وجد نفسه مضطرا للرحيل إلى أفغانستان أواسط التسعينيات بعد رضوخ الحكومة السودانية لضغوط واشنطن المطالبة بإخراجه من السودان[1]. كان بن لادن يطمح في الاستقرار في مكان قريب من بؤر الصراع بقلب العالم الإسلامي حيث بإمكانه متابعة تطورات مشروعه الجهادي الذي كانت “جزيرة العرب” قطب رحاه وساحته الأهم.

نظر أسامة بن لادن إلى جزيرة العرب ليس فقط باعتبارها فضاء مناسبا لمشروعه الجهادي الناشئ بل أيضا كمفتاح للصراع لا يمكن أن يتمتع مشروعه الواعد بالمصداقية والمشروعية دون استعماله وتوظيفه. منذ 1990 وأسامة بن لادن يتحين الفرص لتدشين حركة عنيفة في جزيرة العرب، ولا يكاد يمر حدث مفصلي أو تنشب حرب في تلك المنطقة وإلا ويبادر إلى استغلالها في سبيل تنفيذ خطته وتمرير فكرته؛ فنجد أن بن لادن حاول توظيف الحرب بين جنوب اليمن وشماله، بوقوفه مع قوات الشمال وكان يريد استغلال زخم الحرب لتكوين قوة عسكرية خاصة به تؤثر في خريطة الجزيرة لاحقا[2]. ثم حاول بعد ذلك استغلال معركة دستور اليمن الموحد حيث بذل مجهودا كبيرا في اقناع رجال القبائل وزعماء الحركة الإسلامية في اليمن “بكفر علي عبد الله صالح” ووجوب خلعه وعدم شرعية اعتماد دستور لا يقر بحاكمية الشريعة لكنه لم يستطع اقناع زعماء الإخوان المسلمين الذي توافقوا مع علي عبد الله صالح على مسودة معدلة من الدستور، وأقنع عبد المجيد الزنداني بعد التوقيع على التوافق آلاف المحتجين الذين حشدهم أسامة بن لادن وأتباعه حول القصر الجمهوري على العودة إلى ديارهم[3].

بعد إخفاق أسامة بن لادن في حشد التيار الإسلامي وقبائل اليمن حول معركة الدستور، جاءت حرب الخليج وتداعياتها لتمنح لتنظيم القاعدة أرضية صلبة للانطلاق وشعارا جديدا للحشد والتعبأة، ليبدأ العمل منذ ذلك الحين تحت شعار “أخْرِجوا المشركين من جزيرة العرب”.

عارض أسامة بن لادن وجود القوات الأجنبية في المملكة العربية السعودية ضمن من عارض ذلك من رموز الصحوة وقادتها، وازداد الشرخ بينه وبين السلطة الحاكمة والمؤسسات الدينية الرسمية التي أعلن معارضته لفتاويها ومواقفها الشرعية[4]، ثم شارك بن لادن في تجربة البيانات والعرائض التي طالبت السلطة بالإصلاح فوقَّع على عدد من المذكرات والخطابات التي رفعت إلى الملك باسم هيئة النصيحة والإصلاح[5]. وكان من أهمها البيان الذي شجب فيه دعم السعودية للشيوعيين في اليمن[6]، والبيان الذي اختار له عنوان: “السعودية تسفر عن محاربتها للإسلام وعلمائه”[7] والبيان رقم 21 المعنون بـ “تأييد فتوى علماء أفغانستان بإخراج القوات الأمريكية من أرض الحرمين”[8] ورسالته إلى عبد العزيز بن باز والتي استنكر فيها موقفه المؤيد للنظام السعودي وتسويغه لمخالفاته الشرعية الكثرة وذكر منها: “.. لما قررت قوات التحالف الصليبية واليهودية الغازية في حرب الخليج -بتواطؤ مع النظام- احتلال البلاد باسم تحرير الكويت سوَّغْتُم ذلك بفتوى متعسفة برَّرَتْ هذا العمل الشنيع الذي أهان عزة الأمة ولطخ كرامتها، ودنس مقدساتها”[9].

لم تُفلح المعارضة المدنية ونشاط دعاة الصحوة في إحداث أي تغيير على مستوى الأوضاع السياسية في البلاد، فقد نجحت السلطة الحاكمة في توظيف الخطاب الديني الرسمي ضد الأصوات المعارضة باعتبارها خروجا عن ولي الأمر وبثّا للفتنة بين الناس، موازاة مع اعتمادها السياسة الأمنية الصارمة التي وضعت قسما من المعارضين ورموز الصحوة في السجون والمعتقلات وأرغمت القسم الآخر على مغادرة البلاد وتشكيل معارضة الخارج ليكون “سعد الفقيه” و “محمد المسعري” و”أسامة بن لادن” أبرز الوجوه المعارضة في الخارج[10].

بعد نكبة تيار الصحوة وإخفاق النشاط المدني تغيرت قناعة أسامة بن لادن إزاء جدوى الخيارات السلمية في التغيير والإصلاح، وبدأ تفكيره يأخذ منحى المواجهة العنيفة في جزيرة العرب. في هذه الفترة كان بن لادن مترددا في توصيف النظام السعودي ولم يحسم بعد في مسألة كفره من عدمه[11]، وحتى إن حسم هو في هذه المسألة الحساسة فمن الصعوبة إقناع شباب التيار الجهادي بذلك خصوصا المنحدرين من الجزيرة، وهم قريبو العهد بالدعم السعودي للجهاد الأفغاني ومتأثرين بالخطاب الرسمي القائم على اعتبار السعودية “دولة التوحيد والشريعة” الوحيدة في العالم[12].

سادت في مدينة بيشاور الباكستانية في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات أجواء من الجدل والسجال بين مختلف مكونات الحركة الإسلامية، حيت التقى الجميع هناك مستغلين الدعم العربي والغربي للجهاد الأفغاني إما للمشاركة في القتال أو المساهمة في النشاط الإغاثي والدعوي، فانتعشت هناك حركة التأليف والطباعة والنشر واستغل الجميع غياب الرقابة والهامش الكبير من الحرية المتاحة، فصدرت المجلات الناطقة باسم الجماعات الإسلامية وكتب منظروها أبرز كتبهم ومؤلفاتهم، وفي هذا السياق بدأ شاب أردني صاعد بتصدر المشهد وإثارة الجدل بسبب مواقفه الشرعية الجريئة وغير المسبوقة، لقد كتب أبو محمد عاصم البرقاوي المعروف بأبي محمد المقدسي كتابا كاملا يؤصل فيه لكفر الدولة السعودية وخروجها عن الإسلام، وبأنها “من أشدّ الدول اليوم ممارسة لسياسة التّلبيس على العباد والاستخفاف بهم واللّعب بعقولهم مدّعية تطبيق الشّريعة الإسلامية ونبذ القوانين الوضعية”[13].

الجديد والمثير في كتاب المقدسي أنه حَاكَمَ الدولة السعودية إلى الموروث نفسه الذي قامت عليه وانتسبت إليه؛ وهو الأفكار الوهابية. لقد اعتمد المقدسي على تراث الدعوة الوهابية وفتاوى أئمتها في نقض السردية الرسمية للنظام السعودي التي تقول أن النظام السعودي هو الوحيد الذي يطبق الشريعة ويدافع عن السنة. وهنا يتجلى الفرق بين ما كتبه المقدسي في الدولة السعودية وما كتبه غيره من الكُتَّاب المنتسبين للإخوان مثلا أو لحزب التحرير أو غيرهم من الكُتَّاب القوميين العرب المعارضين للسعودية. وقد لقيت كتابات المقدسي رواجا واسعا في أوساط التيار الجهادي[14]، وانضم إليه شيوخ آخرون أصدروا كتبا وأشرطة سمعية حول النظام السعوي[15]، فتشكل رأي عام جهادي يرى عدم شرعية النظام السعودي ووجوب الخروج عليه[16].

تجاوز بن لادن إذن تحدي إقناع شباب التيار الجهادي بقتال النظام السعودي أمام تضافر الكتابات والنشرات التي تؤيد موقفه منه، فانتقل إلى مرحلة الإعداد للمواجهة والصدام المسلح في جزيرة العرب.

جزيرة العرب.. المحاولات الجهادية المبكرة

لطالما نظر أسامة بن لادن إلى اليمن كنقطة ارتكاز رئيسية في مشروعه الجهادي العالمي، لقد اعتبر اليمن بما يتوفر عليه من مقومات طبيعية (جبال وتضاريس وعرة) وبنيته الاجتماعية المتميزة (مجتمع قبلي) وموقعه الحساس (قريب من الحرمين ويطل على أهم الممرات البحرية) اعتبره أرضا للإعداد والمدد يصلح لإيواء القيادات ورفد كل الساحات بما تحتاج إليه من رجال وسلاح وخبرات. ازداد اهتمام أسامة بن لادن ومنظري التيار الجهادي بجزيرة العرب على نحو متزايد[17]، وبينما كان استقرار تنظيم القاعدة بمعظم قياداته في السودان حائلا دون تصعيد اللهجة ضد السعودية والولايات المتحدة فإن إرغام السودان على إخراجه إلى أفغانستان في مايو 1996 كان بمثابة الإجراء المفصلي في مسيرة أسامة بن لادن وعلاقة تنظيمه بالغرب والأنظمة العربية. إنه الآن في أفغانستان وبإمكانه الشروع في برنامجه الجهادي دون أن يضطر لمراعاة حساسية وضع السودان وعلاقاته بجواره العربي وضغوط الولايات المتحدة عليه.

انهمك أسامة بن لادن في الإعداد لمشروعه الجهادي في جزيرة العرب، واستمر في ضخ أمواله إلى اليمن لتأليف القبائل اليمنية وشراء السلاح وتجنيد العناصر وتدريبها، مستأنفا بذلك خطته في التمركز باليمن بعد ضياع فرصة الحرب بين الشمال والجنوب ومعركة الدستور[18].

طيلة عقد التسعينيات لم ينفذ تنظيم القاعدة أي عملية مهمة في اليمن وإنما اكتفى بالحشد والاستقطاب، ودعم بعض المحاولات الجهادية التي قامت بها مجموعات محلية أبرزها تلك التي قادها أبو الحسن المحضار الذي أسس “جيش عدن أبين” وصعد الجبل سنة 1997 ونجحت السلطات الأمنية في حصاره والقضاء على تنظيمه والحكم عليه بالإعدام عام2000[19].

في 12/10/2000 نفَّذَ تنظيم القاعدة إحدى أنجح عملياته عندما قام بالهجوم على المدمرة الأمريكية USS COLE في خليج عدن، أسفر الهجوم عن مصرع 17 جنديا أمريكا، وكانت العملية بمثابة التطبيق العملي لما جاء في بيان إعلان “الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين” في فبراير 1998 من وجوب ” قتل الأمريكان، ونهب أموالهم في أي مكان وجدهم فيه، وفي كل وقت أمكنه ذلك..  فمنذ ما يربو عن سبع سنين وأمريكا تحتلّ أراضي الإسلام في أقدس بقاعها ـجزيرة العـرب-، وتنهب خيراتها، وتُملي على حكّامها، وتُذلّ أهلها، وترعب جيرانها، وتجعـل من قواعـدها رأس حربة تقاتل بها شعـوب الإسلام المجاورة”[20].

لا يتوفر غير النزر اليسير من المعلومات عن عمليات القاعدة في السعودية ما بين 1996 و2001، لكن يبدو أن القاعدة لم تنفذ أي عملية مثيرة للاهتمام في هذه الفترة داخل السعودية[21]، لكنها لم تتوقف عن التحضير لإطلاق حملة عسكرية داخل السعودية في وقت لاحق.

ضبطت السلطات السعودية عدة محاولات لتهريب الأسلحة والمعدات من اليمن إلى داخل السعودية من بينها شحنات سلاح تحتوي على صواريخ سام المضادة للطائرات وساغر المضادة للدبابات. رغم الاعتقالات التي قامت بها السلطات السعودية لعدد من المشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة إلا أنها لم تتمكن من تصور حجم البرنامج الذي أشرف بن لادن على وضع لمساته الأخيرة عليه[22].

تنظيم القاعدة في السعودية 2003/ 2008

تضافرت مجموعة من الاحداث والتطورات في نهاية التسعينيات وبداية الألفية الثالثة وكانت كلها في صالح المشروع الجهادي المزمع إعلانه في السعودية، فقد خرج شيوخ الصحوة من السجن وقد تغيرت قناعاتهم، وظهرت شبكة الانترنت وتوسعت في السعودية ناقلة ما يحدث في الشيشان والبوسنة من حروب ضد المسلمين؛ متيحة قدرا كبيرا من حرية التواصل والحديث في الشأن العام. ثم جاء قرار حركة طالبان بهدم أصنام “باميان” ليلقي بظلاله على المشهد السعودي حيث أعلن كثير من شيوخ السلفية دعمهم وتأييدهم لطالبان[23].

خروج دعاة الصحوة من السجن بقناعات موغلة في “الاعتدال” تزامن مع وفاة كبار علماء السعودية الموالين للسلطة الحاكمة مثل بن باز وابن عثيمين، وهكذا وجد تيار جديد من العلماء والدعاة الطريق سالكا نحو تصدر المشهد السعودي واحتل نقد المخالفات الشرعية للنظام ودعم طالبان والحركات الجهادية جزءًا كبيرا من خطابه الشرعي؛ خطاب أخذ في التبلور سريعا بعد أحداث 11 من سبتمبر وغزو الولايات المتحدة لأفغانستان، ومن أبرز وجوه هذا التيار: “علي الخضير” و” ناصر الفهد” و”سليمان العلوان” و”حمود العقلاء الشعيبي” وغيرهم.

نشط التيار الجديد في بث أفكاره ونشر مواقفه الشرعية والسياسية الحادة، فظهرت كتابات تكفر من يدعم الولايات المتحدة في احتلالها لأفغانستان، وتدعو إلى الالتحاق بالجماعات الجهادية في أفغانستان والعراق، وجواز استهداف الأمريكيين أينما كانوا فانتشرت مؤلفات مثل: “إقامة البرهان على وجوب كسر الأوثان” و”التبيان في كفر من أعان الأمريكان” و”آيات الرحمن في غزوة سبتمبر” لناصر بن حمد الفهد و”حي على الجهاد” لعلي الخضير و”تأييد حكومة طالبان في تحطيم الأوثان وكسر الأصنام” و”الموقف الشرعي من حصار الشعب العراقي”  لسليمان العلوان وغيرها.

وجد أسامة بن لادن الأجواء مواتية لإعلان “تنظيم القاعدة في بلاد الحرمين” خصوصا مع الأجواء المشحونة والمشاعر الرافضة للولايات المتحدة الأمريكية بعد غزو أفغانستان والعراق وانتشار صور غوانتانامو وأبو غريب. فوض بن لادن أحد المقربين إليه لهندسة الفرع السعودي للقاعدة، ولم يكن هذا الرجل سوى ” يوسف العييري”. تمكن هذا الأخير من بناء خلايا التنظيم ووضع استراتيجيته العسكرية والإعلامية كما ساهم أكثر من غيره في صياغة خطابه الأيديولوجي عبر عشرات من الكتب والمقالات والدراسات التي أعدها خلال فترة وجيزة بينها كتابه الأهم الذي أثنى عليه أسامة بن لادن “حقيقة الحرب الصليبية الجديدة”[24]، وقد أسس يوسف العييري أولى المواقع الجهادية على شبكة الانترنت كموقع “النداء” ومركز الدراسات والبحوث الإسلامية الذي صدرت عنه كثير من الكتابات المشهورة مثل كتاب “إدارة التوحش” لأبي بكر ناجي.

انتعشت إذن أفكار القاعدة في بداية الألفية الثالثة بالمملكة العربية السعودية، وانتشرت فتاوي وأفكار شيوخ ما بعد الصحوة المناهضة للولايات المتحدة، وأنهى يوسف العييري بناء شبكته الجهادية، وأمَّن لها منافذ على الشبكة الدولة للمعلومات ولم يتبق سوى اختيار ساعة الصفر لإعلان “الجهاد في السعودية”.

في 12/5/2003 هاجمت ثلاث سيارات مفخخة مجمعا سكنيا يقطنه أجانب بمدينة الرياض مما أدى إلى مقتل العشرات وإصابة المئات من الأشخاص[25]، وفتحت العملية باب المواجهة الدامية بين تنظيم القاعدة والسلطات الأمنية السعودية التي كانت -قبل التفجير بأربعة أيام- قد أصدرت السلطات الرسمية قائمة بـ 19 مطلوبا من قادة القاعدة بينهم يوسف العييري[26].

في 8/11/2003 وقع هجوم آخر بسيارات مفخخة يستهدف مجمع المحيا  السكني بالرياض نجم عنه سقوط العشرات من القتلى والجرحى[27].

21/4/2004 استهدفت سيارة مفخخة مبنى الأمن العام بالرياض أدت لمقتل 10 أشخاص وإصابة العشرات[28].

1/5/2004 هجوم على مقر شركة أي بي بي السويسرية للمعدات الكهربائية بمدينة ينبع الصناعية أدى إلى مصرع 7 أشخاص بينهم أجانب وجميع المهاجمين[29].

في الفترة ما بين 2/6/2004 و 12/6/2004 استهدف التنظيم عددا من الأمريكيين قتل بعضهم وأصاب البعض الآخر، من أبرزهم المهندس الأمريكي بول جونسون الذي بث التنظيم مقطعا مرئيا له، قبل أن يقوم بإعدامه[30].

6/12/2004 مسلحون يقتحمون القنصلية الأمريكية في جدة ويقتلون عدة أشخاص ليس بينهم أي أمريكي.[31]

5/5/2005 معركة دامية استمرت عدة أيام في منطقة الرس قتل فيها 14 فردا من القاعدة بينهم قادة[32].

24/2/2006 مسلحون يقتحمون منشأة بقيق النفطية بواسطة سيارتين مفخختين[33].

26/2/2007 مقتل أربعة سياح فرنسيين بنيران مسلحين قرب موقع مدائن صالح شمال المدينة المنورة[34].

هذه أبرز العمليات التي نفذها تنظيم القاعدة في السعودية في الفترة ما بين 2003 و2007 ولم نورد ضمنها تلك التي أحبطت السلطات تنفيذها وأيضا بعض عمليات إطلاق النار التي تعرض لها رجال الأمن ومواطنين أجانب في مناطق متفرقة من السعودية،[35] ويمكن الرجوع إليها في التقارير الإخبارية التي أصدرها التنظيم[36].


[1] توافقت رواية تنظيم القاعدة مع رواية الزعيم السوداني حسن الترابي حول قضية خروج أسامة بن لادن من السودان وانتقاله إلى أفغانستان. انظر: أوراق من مذكراتي، خبيب السوداني، صحيفة المسرى العدد 26 وانظر: الحلقة 13 من برنامج شاهد على العصر مع حسن الترابي، https://www.youtube.com/watch?v=cwHCiYJaMqc

[2] أبو مصعب السوري، دعوة المقاومة الإسلامية العالمية، ص 776 (نسخة إلكترونية)، وانظر أيضا: عبد الباري عطوان، القاعدة التنظيم السري، دار الساقي، الطبعة الأولى 2007 ص: 194

[3] أبو مصعب السوري، دعوة المقاومة الإسلامية العالمية، ص 775 (نسخة إلكترونية)

[4] البيان رقم (11)، هيئة النصيحة والإصلاح، 29/12/1994

[5] للمزيد حول تجربة العرائض والمذكرات، أنظر: عبد العزيز الخضر، السعودية سيرة دولة ومجتمع، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، الطبعة الثانية 2011 ص855.

[6] البيان رقم (3)، هيئة النصيحة والإصلاح، 7/6/1994

[7] البيان رقم (6)، هيئة النصيحة والإصلاح، 13/9/1994

[8] البيان رقم (21)، هيئة النصيحة والإصلاح، 7/5/1998

[9] البيان رقم (11)، هيئة النصيحة والإصلاح، 29/12/1994

[10] شكل محمد المسعري وسعد الفقيه وأسامة بن لادن أبرز الوجوه المعارضة للسعودية في الخارج، اسس الأول حزب التجديد الإسلامي والثاني أسس الحركة الإسلامية للإصلاح بينما أسس بن لادن تنظيم القاعدة.

[11] بيان رقم (8) الصادر عن هيئة النصيحة والإصلاح بتاريخ 19/9/1994 خاطب فيه بن لادن الجيش السعودي بالقول “برقية هامة إلى إخواننا في القوات المسلحة”.

[12] أبو مصعب السوري، جلسة مع شباب الجزيرة، تفريغ مؤسسة التحايا للإعلام ص: 73 و141 نوفمبر 2000 https://archive.org/download/Jlasam3ALjazeera/Jlasam3ALjazeera.pdf

[13] أبو محمد المقدسي، الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية، ص 6 (نسخة إلكترونية)

[14] احتفت المعارضة السعودية في الخارج بكتاب ” كواشف الجلية في كفر الدولة السعودية” وقام المعارض السعودي محمد المسعري بتهذيب الكتاب وإعادة نشره تحت عنوان ” الأدلة القطعية على عدم شرعية الدولة السعودية”.

[15] كتبت الكثير من المقالات والأبحاث حول النظام السعودي بعد كتاب الكواشف الجلية للمقدسي نشر أغلبها في المجلات التي تصدرها الجماعات الجهادية للمزيد: http://www.ilmway.com/site/maqdis/MS_600.html

[16] أثناء الجهاد الأفغاني الأول كان التحاق السعوديين بالساحة الأفغانية يأتي بعد أخذ الإذن من “الشيوخ وولاة الأمر” لكن في أواسط ونهاية التسعينيات كانوا يغادرون إلى البوسنة والشيشان وأفغانستان رغم منعهم من الدولة التي كانت تلاحقهم جراء ذلك ما يدل على تغير موقف الشباب السعودي من ” ولاة الأمر”. وربما يمكن اعتبار مظاهرات بريدة التي خرجت في 1995 تنديدا باعتقال شيوخ الصحوة مؤشرا أوليا على ذلك التحول. وانظر: عبد الباري عطوان، القاعدة التنظيم السري، دار الساقي، الطبعة الأولى 2007 ص 204

[17] انظر: أبو مصعب السوري، مسؤولية أهل اليمن اتجاه مقدسات المسلمين وثرواتهم، نسخة إلكترونية؛ وانظر له أيضا سلسلة محاضرات: “جلسة مع شباب اليمن” و”جلسة مع شباب الجزيرة”.

[18] أبو مصعب السوري، دعوة المقاومة الإسلامية العالمية 777

[19] للمزيد حول تجربة أبو الحسن المحضار انظر المصدر السابق ص 778

[20] إعلان الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين. فبراير 1998 http://gulfup.co/5ptbzdbr69m0

[21] طوماس هيغهامر، الجهاد في السعودية.. قصة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، الطبعة الأولى 2013 ص 172

[22] المصدر السابق ص 174

[23] أثارت قضية هدم طالبان لأصنام “باميان” جدلا واسعا في السعودية بين مؤيد لطالبان ومعارض لها وانتشرت كتابات وفتاوى كثيرة تدعم طالبان في خطوتها تلك مثل: ” تأييد هدم الأصنام” لعلي الخضير، و ” إقامة البرهان على وجوب كسر الأصنام” لناصر الفهد، و” تأييد حكومة طالبان في تحطيم الأوثان وكسر الأصنام” لسليمان العلوان.

[24] عيسى العوشن، يوسف العييري.. شموخ في زمن الهوان، مجلة صوت الجهاد، العدد 1

[25] مزيد من التفاصيل عن حصيلة الضحايا وجنسياتهم على الرابط التالي: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%81%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA_%D8%B4%D8%B1%D9%82_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6

[26] قائمة المطلوبين 19، المديرية العامة للمباحث، وزارة الداخلية، http://cutt.us/V3aiI

[27] انفجارات ضخمة تهز مجمع المحيا السكني، موقع المسلم، 8/11/2003 http://almoslim.net/node/34364

[28] مقتل عشرة أشخاص في انفجار ضخم بالرياض، الجزيرة نت، 21/4/2004 http://www.aljazeera.net/news/arabic/2004/4/21/%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D8%A9-%D8%A3%D8%B4%D8%AE%D8%A7%D8%B5-%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%81%D8%AC%D8%A7%D8%B1-%D8%B6%D8%AE%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6

[29] 4 إرهابيين يهاجمون شركة في ينبع، الشرق الأوسط، 2/5/2004 http://archive.aawsat.com/details.asp?section=4&article=231747&issueno=9287#.WsSkGC7FLIU

[30] واشنطن تدين قتل جونسون وتصفه بالوحشي، الجزيرة نت، 18/6/2004 http://www.aljazeera.net/news/arabic/2004/6/18/%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%87%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%AC%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%AA%D8%B5%D9%81%D9%87-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AD%D8%B4%D9%8A

[31] اقتحام القنصلية الأمريكية في جدة، ويكبيديا، https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%85_%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%86%D8%B5%D9%84%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D8%AC%D8%AF%D8%A9_2004

[32] مواجهة الرس ثاني أطول مواجهة بين رجال الأمن والإرهابيين في السعودية، الشرق الأوسط، 5/4/2005 http://archive.aawsat.com/details.asp?issueno=9532&article=291942#.WsSn8i7FLIU

[33] للمزيد من التفاصيل انظر: الهجوم على بقيق: الإرهابيون استخدموا عربات مموهة وثياب العاملين في أرامكو، الشرق الأوسط، 25/2/2006 http://archive.aawsat.com/details.asp?article=350041&issueno=9951#.WsSrMC7FLIU

[34] وفاة فرنسي رابع بهجوم السعودية، الجزيرة نت، 27/2/2007 http://www.aljazeera.net/news/arabic/2007/2/27/%D9%88%D9%81%D8%A7%D8%A9-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A-%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9-%D8%A8%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3-%D8%AA%D9%86%D8%AF%D8%AF

[35] أنظر أهم عمليات القاعدة في السعودية والخسائر الناجمة عنها في هذه الرابط: أبرز العمليات الإرهابية لتنظيم القاعدة في السعودية، جريدة المدينة، 4/1/2016 http://www.al-madina.com/article/424050/

[36] نشرت مجلة صوت الجهاد التي يصدرها تنظيم القاعدة في السعودية على مدار أعدادها الثلاثين تقارير إخبارية عن كل عمليات التنظيم في السعودية.

مشاركة المحتوى

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاشتراك في القائمة البريدية