عبد الغني مزوز—
بعد فترة من احتكاره من طرف منصات البث المدفوعة، عرض أخيرا الوثائقي المنتظر أسامة بن لادن القرص الصلب bin laden’s hard) (drive وخلافا للمقالات الكثيرة التي استبقت بثه، لم يحمل الفيلم الوثائقي أي جديد يستحق التنويه باستثناء بعض لقطات الفيديو التي لم تنشر من قبل وصورها على الأرجح حفيد بن لادن وتكشف جانبا من نمط العيش داخل منزل زعيم تنظيم القاعدة من تربية للدواجن والأبقار وصيد الحمام في حديقة البيت.. ولقطات أخرى بعضها منشور سابقا عن كواليس تصوير بن لادن لخطاباته المرئية.
أبرز من تحدث في الوثائقي كان علي صوفان ضابط في مكتب التحقيقات الفيدرالي وصاحب كتاب الرايات السود، وبيتر بيرغن محلل في الأمن القومي وأول صحفي غربي يلتقي بأسامة بن لادن ويجري معه مقابلة صحفية، ونيلي لحود باحثة ومؤلفة وخبيرة في مركز مكافحة الإرهاب والأكاديمية العسكرية الأمريكية ويست بوينت، وهؤلاء كانوا ضمن مجموعة من الخبراء الذين اعتمدت عليهم وكالة المخابرات المركزية CIA في قراءة وتحليل جبال من الوثائق جرى استخراجها من الحواسيب والأقراص الصلبة ومفاتيح USB التي تمت مصادرها من منزل أسامة بن لادن عقب اغتياله في 2011. وأظهر الفيلم غرفة تابعة للمخابرات الأمريكية صفت فيها حزم كبيرة من الوثائق بعد فرزها وترتيبها وأكثرها عبارة عن رسائل سرية تبادلها أسامة بن لادن مع رجاله وأفراد من عائلته، وبعضها متاح للعموم بعد نشرها على دفعات منذ 2017.
صادرت القوات الخاصة التي اقتحمت منزل بن لادن في أبوت أباد خمسة حواسيب وأكثر من 100 قرص DVD وأقراص صلبة أخرى، احتوت على أكثر من 250 جيجابايت من البيانات، من بينها أكثر من 470.000 وثيقة. ويسود اعتقاد حتى بين خبراء CIA أن كل هذه الوثائق هي وثائق سرية وبالغة الأهمية بينما في الواقع أكثرها عبارة عن كتب ومقالات الكترونية نشرت سابقا على المواقع والمنتديات الجهادية، واعتاد أسامة بن لادن الطلب من مساعديه تزويده بكل ما يروج في هذه المواقع من جديد، لذلك تجد أن مئات الكتب الجهادية منشورة على موقع وكالة المخابرات المركزية على أنها وثائق سرية تعود إلى أسامة بن لادن.
المقالات التي تحدثت عن الوثائقي قبل صدوره وأثناء عرضه بالغت في تناولها لمسألة وجود مواد إباحية في حواسيب بن لادن، وأعطتها أكثر من حجمها، وحتى قبل أن تقدم المخابرات الأمريكية تفسيرها لتلك المواد الغريبة بدا واضحا وأن سائل الإعلام توخت الإثارة أكثر من الحقيقة، لأن منزل اسامة بن لادن لا يحتوي على خطوط للهاتف، ولا يملك أي اتصال من أي نوع بشبكة الأنترنت، فكيف سيتسنى له تنزيل تلك المواد، وعلاقته بالإنترنت دائما تتم عبر سلسلة من الوسطاء تقوم بتزويده بما يروج على الشبكة بمبادرة منهم أحيانا أو بطلب مخصص منه أحيانا أخرى. فهل من المنطقي أن يطلب بن لادن من مساعديه وهو الذي يدير جماعة عقدية ولا تربطه بأعضائها سوى روابط الولاء الديني الصرف أن يطلب مواد إباحية، وهل من المعقول أن يخاطر ناقلوا بريده عبر الطرق الخطيرة والحواجز الأمنية الكثيرة من أجل توصيل فيلم جنسي إلى أميرهم!
وكالة المخابرات المركزية أكدت أن المواد الإباحية الموجودة في الأقراص الصلبة استعملها بن لادن ومساعدوه في اخفاء رسائلهم السرية، وهي تقنية معروفة في عالم التشفير وتوجد برامج كثيرة تقوم بدمج محتوى رقمي معين داخل ملفات الصور والفيديو، وتداولت الأقسام التقنية في المنتديات الجهادية قبل سنوات شروحات لهذه البرامج. وهذه فرضية أقرب إلى الواقع، وتبدو حيلة فكر فيها سعاة بن لادن وهم يعبرون الحواجز الأمنية ويتعرضون للتفتيش، فإن حدث وأثار أحدهم الشبهات واستخرج رجال الأمن منه مفاتيح usb أو بطاقة الذاكرة التي يستخدمونها في نقل الرسائل فلن يجدوا سوى أفلاما جنسية. اللافت أن هذا الجانب لم يأخذ من الفيلم الوثائقي سوى دقائق قليلة، والتفسير الذي أعطاه علي صوفان لم يتعد بضع ثواني، بينما المقالات التي تناولت الفيلم قبل وبعد صدوره أوحت بأنه لم يتحدث الوثائقي إلا في هذه القضية.
الفيلم الوثائقي لم يكن في مستوى التوقعات، ولم يكن جديرا بكل الضجة التي رافقت الإعلان عنه، كان يمكن لصناعه أن يستغلوا المواد المتاحة لهم ورخصة الولوج إلى الملفات السرية الخاصة بأسامة بن لادن في صناعة فيلم يلقي مزيدا من الضوء على الجوانب الخفية لأكبر شخصية مطلوبة في العالم لكن عوضا عن ذلك أتوا بخبراء رددوا ما سمعه العالم آلاف المرات، وصدق الجمهور على ضعف الفيلم فمنح له تقييما لا يتعدى 5/5 في موقع MBD المتخصص في نقد الأفلام واستطلاع آراء الجمهور عنها.
مشاهدة وثائقي bin laden’s hard drive
مشاهدة وثائقي أسامة بن لادن القرص الصلب
يمكن إضافة ترجمة عربية إلى الفيلم من خلال اليوتيوب