أعلن تنظيم القاعدة في اليمن الجمعة الماضية، شن هجمات جديدة بواسطة طائرات مسيرة استهدفت ما سماها موقعا ” يتمركز فيه خبراء الطيران المسير التابع لمرتزقة الإمارات مما أدى إلى إصابة ثلاثة جنود بمنطقة البقيرة في مودية بمحافظة أبين” وذلك ضمن عمليات سهام الحق التي أطلقها قبل عامين.
وأظهرت صور نشرها التنظيم مقذوفات يتم إلقائها بواسطة طائرة مسيرة على موقع تتمركز فيه آليات عسكرية خلف متاريس ترابية، ولم يتضح من الصور شكل ونوع الطائرة المستخدمة في الهجوم. وأكد التنظيم أن عملية القصف تزامنت أيضا مع هجمات طالت طقمين ومدرعتين عسكريتين في ذات المنطقة.
وكانت صحف محلية يمنية قد نقلت عن مصدر عسكري قوله أن هجوما بطائرة مسيرة استهدف موقعا للقوات المشتركة، في وادي عمران، الذي كان سابقا معقلا لتنظيم القاعدة، وأن ثلاثة جنود قد أصيبوا في الحادث.
تنظيم القاعدة الذي نفذ أولى هجماته باستخدام المسيرات في مايو من العام الماضي، أثار مجددا مخاوف بخصوص طبيعة المسيرات الهجومية التي بحوزته، وما إذا كانت جماعة الحوثي ضالعة في تزويده بتقنات تطويرها، لاسيما وهجوم الجمعة الماضية هو ثامن هجوم بالمسيرات ينفذه التنظيم في غضون عام.
ونقل موقع نافذة اليمن عن المتحدث الرسمي باسم ” القوات المسلحة الجنوبية” المقدم محمد النقيب قوله أن “التنظيم حظي بدعم لوجستي من ميليشيا الحوثي، وتمكن من الحصول على الطيران المسيّر، ذات الطابع الاستطلاعي والهجومي، الذي نُفذ من خلاله ثماني هجمات في شبوة وأبين” وشدد النقيب على أن امتلاك القاعدة لهذه السلاح “سيؤثر على الحرب الدولية على الإرهاب بشكل عام، وعلى أمن واستقرار المنطقة والعالم”
وفي السياق ذاته قال الكاتب اليمني المتخصص في الجماعات المسلحة سعيد الجمحي أن استخدام القاعدة للمسيرات “يجب أن يُقلق خصومه، وأن يؤخذ ذلك على محمل جدّي دون أدنى استخفاف؛ لأنها ميزة يمكنها إحداث انقلاب في المواجهة”.
ونقل تلفزيون الحدث الاخباري عن أربعة مصادر مختلفة أن تنظيم القاعدة نسق عددا من تحركاته العسكرية مع جماعة الحوثي، منها انسحابه من مديرية الصومعة لصالح الجماعة، وحصوله على أسلحة ومعدات عسكرية من الجماعة المدعومة من إيران، تضمنت 40 طائرة مسيرة. لكن صحفا يمنية أخرى أكدت أن التنظيم حصل على المسيرات من خلال اعتراضه شحنة عسكرية كانت متجهة إلى أحد المعسكرات التابعة لقوات الشرعية. لكن يتعذر التأكد من هذه المزاعم والمعطيات من مصادر مستقلة.
من جهة أخرى حاول موقع lawfare قراءة التحولات الاستراتيجية المرتبطة باستخدام القاعدة للطائرات المسيرة في اليمن، واستشراف طبيعة التحديات الكامنة في هذه التطورات غير المسبوقة خصوصا إذا صحت التكهنات التي تذهب باتجاه وجود علاقة وتنسيق بين الحوثي وبين تنظيم القاعدة.
وأكد الموقع في تقرير مطول أنه يمكن مقاربة الهجمات الأخيرة في شبوة بالمسيرات من خلال ثلاث زوايا مترابطة. أولاً: باعتبارها وسيلة لتعزيز صورة التنظيم ونفوذه، وسط تراجع نفوذه في جنوب اليمن. ثانياً: قد تعكس تقارباً استراتيجياً (وربما مؤقتاً) مع الحوثيين. وثالثًا: تشير إلى تحول تركيز تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية نحو المجلس الانتقالي الجنوبي.
تنظيم القاعدة إلى غاية هذه اللحظة لم يعلق على التقارير الكثيرة التي تتحدث عن وجود تنسيق بينه وبين الحوثيين وهو الذي دأب على إصدار بيانات وتوضيحات كلما دعت المناسبة إلى ذلك، وكان بإمكانه نفي كل هذه المزاعم من خلال بيان واحد أو قصاصة إخبارية قصيرة إلا أنه لم يفعل ذلك.
المثير في هذه التطورات ليس امكانية وجود تنسيق ما بين الجماعتين لكن المثير أكثر يكمن في الغطاء الشرعي الذي يمكن أن تبرر به القاعدة هذا التنسيق أمام أنصارها وأتباعها، لاسيما وجزء كبير من شرعيتها في اليمن أسسته على سردية كونها ” حائط صد في مواجهة التمدد الرافضي في جزيرة العرب”.
