الوصول السريع للمحتويات

“زكاة السلطانية” ضريبة داعشية أثقلت كاهل تجار شرق سوريا

تراجعت الموارد المالية لتنظيم داعش بعد خسارته لكل معاقله في سوريا والعراق، وكان في ذروة نفوذه يستغل عدد من القطاعات الاقتصادية والخدمية، كالنفط والغاز، والمعابر، إلى جانب نشاطات أخرى ضمن “اقتصاد الحرب” تضخ في خزينته ملايين الدولارات مثل التهريب، والاختطاف، وتجارة الآثار، والسطو على البنوك ومحلات الصرافة، واستحواذه على احتياطات العملة الصعبة والذهب في المدن التي اجتاحها، ونهب ممتلكات الطوائف الأخرى وغيرها.

لكن بعد تحول التنظيم من ” ولايات تمكين” إلى “ولايات أمنية” إثر الهزيمة التي لحقت به في سوريا والعراق، وخروجه من المدن والقرى والجيوب التي سيطر عليها منذ 2014، وجد نفسه في حاجة إلى مصادر دخل جديدة تعوض نضوب خزينته، وتواصل مد نشاطاته بما يلزم من دعم وتمويل. ومن هنا قررت قيادة تنظيم داعش إقرار خطة اقتصادية جديدة تعتمد أساسا على جبي الضرائب من التجار والشركات وأصحاب المقاولات، وتهديد من يتمرد على أوامره بتدمير مرافق شركته وتعطيل نشاطاته التجارية، وينتهي مسلسل الابتزاز هذا بقتل المعنيين إذا تمادوا في رفض تعليمات التنظيم أو قاموا بالتبليغ لدى الجهات الأمنية.

هذه الخطة الاقتصادية التي صاغها قادة التنظيم في سوريا، كشفت عنها وثائق ومراسلات داخلية تناولت تفاصيلها بدقة متناهية، وقد قام التنظيم بتعميمها على كل ولاياته الخارجية وحثها على تنفيذها، وإرسال نسبة من عوائدها إلى مركز قيادته في سوريا. 

الخطة أثارت جدلا داخل التنظيم نفسه، وكانت سببا في انشقاق قادة عنه كما حدث في “ولاية سيناء”، لأن الخطة لم توضح من الناحية الشرعية لماذا يتم السطو على ممتلكات أشخاص يفترض أنهم مسلمون حتى في أدبيات التنظيم نفسه، ولماذا يتم استحلال أموالهم. ولماذا يجب عليهم دفع أموال “لخلافة” لم يعد لها سلطان على الأرض.

في المنطقة الشرقية في سوريا، تواصل خلايا داعش فرض ماتسمية “الزكاة السلطانية” أو ” الكلفة السلطانية” وهي ضريبة ثقيلة على التجار وأصحاب السيارات والمستثمرين في آبار النفط وأصحاب المقاولات، ومالكي محلات الصرافة وغيرهم. ويتم استخلاص هذه الضريبة بعد توجيه رسائل تهديد بأرقام دولية عبر تطبيق واتساب إلى المعنيين، وتخييرهم بين دفع ” السلطانية” أو مواجهة خلايا الاغتيال، بعد تخريب ممتلكاتهم وتقويض مشاريعهم التجارية والاستثمارية.

وحسب مصادر المرصد السوري لحقوق الانسان من داخل منطقة دير الزور فقد ارتفعت هذا العام نسبة وقدر تلك الضرائب إلى حد كبير جداً مقارنة بالسنوات الفائتة، حتى بلغت نحو 616 ألف دولار من تجار النفط و المستثمرين.

وحصل المركز على إفادة من أحد العاملين في شركة “القاطرجي” المستثمرة في قطاع النفط في المنطقة الشرقية (دير الزور) تقول بأن الشركة رفضت دفع كامل المبلغ المطلوب منها تحت مسمى “الزكاة السلطانية” والتي قدرها التنظيم بنصف مليون دولار أمريكي، ودفعت بدلها 300 ألف دولار، لكن التنظيم هدد سائقي صهاريج المحروقات التي تعمل لدى “القاطرجي” بالاستهداف اذا لم يتم دفع المبلغ كامل في غضون أسابيع، ولم يعد لدى الشركة خيار آخر سوى تدبير ما تبقى من المبلغ.

مستثمر آخر في قطاع النفط توصل برسالة عبر تطبيق الواتساب من رقم دولي مفادها بأن عليه دفع “زكاة السلطانية” البالغ قدره 75 ألف دولار، وعدم إخبار أي جهة تابعة لقسد أو التحالف الدولي بذلك ووجهت له تهديدات في حال التبليغ أوعدم دفع المبلغ خلال أسبوع، وأن خلايا التنظيم ستقوم بزرع عبوة في سيارته أو حرق بئر النفط الذي يعود له.

وأشار المركز إلى أن خلايا داعش في بادية ريف دير الزور الشرقي تفرض ضرائب تتراوح بين 1000 و3500 دولار أمريكي في مناطق ذيبان و حوايج ذيبان و جديد بكارة التي تعمل لصالح المستثمرين الذين يعملون على توريد المحروقات إلى “سادكوبى” التابعة للإدارة الذاتية في دير الزور.

مشاركة المحتوى

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاشتراك في القائمة البريدية