على غرار الفظاعات التي ارتكبها تنظيم داعش بحق الأيزيديين في سنجار شمال العراق في 2014 تستمر فروع داعش في وسط إفريقيا في ارتكاب جرائم اغتصاب جماعية بحق النساء المسيحيات في الموزمبيق وشرق الكونغو باسم “السبي” و”الاسترقاق”، وهو المسوغ ذاته الذي بررت به داعش جرائم الاختطاف والاغتصاب الذي طال آلاف النساء والفتيات في العراق، وسردت الناجيات بعضا من مرارتها و تفاصيلها المروعة.
فقد كشفت وثائق مسربة عن داعش يعود تاريخا إلى يناير الماضي عن انتشار داء فقدان المناعة المكتسب “إيدز” بين صفوف مقاتلي داعش في الموزمبيق نتيجة لجرائم الاغتصاب الجماعي التي يمارسونها تحت مسمى “السبي”. الوثائق عبارة عن أجوبة “شرعية” عن مجموعة من الأسئلة وردت لقيادة داعش في سوريا من فرعها النشط في موزمبيق الواقعة جنوب شرق إفريقيا.
داعش في “ولاية موزمبيق” استفسرت عن الأحكام الشرعية المترتبة عن إصابة مجموعة من جنوده بمرض السيدا، وأن محكمة خاصة بالولاية أصدرت حكمها بالفصل بين الزوجين المصاب أحدهما بالمرض لمدة ثلاثة أشهر مع إعادة الفحص، فإن تأكد وجود المرض عند أحدهما وقع الطلاق، مع إمكانية تزويج المصابة بشخص آخر مصاب، وأشارت الرسالة إلى أن “الولاية” علقت تنفيذ هذه الأحكام إلى حين الموافقة عليها من طرف قيادة داعش في سوريا. وأن هناك مجموعة من “السبايا” ينتظرن نتيجة الفحص قبل توزيعهن على المقاتلين.
وقد استهلت قيادة داعش جوابها بالإشارة إلى أن مرض السيدا انتشر في أوساط عناصر “الولاية” نتيجة ممارسة الجنس مع “السبايا”، وشددت على ضرورة فحصهن قبل تقسيمهن وإن اقتضى ذلك تأخير التقسيم فترة من الوقت، وأيضا فحص كل الوافدين على الولاية إن كان ذلك ممكنا.
أما مصير “السبايا” في هذه الظروف فقد قررت قيادة داعش قتل كل “سبية” تحمل المرض، إذا رفضت الدخول في الإسلام، ولم تدفع عائلتها مبالغ مالية لقاء تحريرها. أما إذا أسلمت فأمامها خياران: إما أن تدفع عائلتها مبلغا ماليا لتحريرها، أو تبقى مستعبدة في أعمال لا تتضمن انتهاكات جنسية، إلا مع أشخاص تأكدت إصابتهم بالمرض ذاته. هذه الأحكام تطبق في حالة ما إذا كان الفحص الطبي ممكنا، أما إذا تعذر الفحص فإن الحكم يكون كالتالي: إذا رفضت السبايا الدخول في الإسلام فمصيرهن القتل، وإذا أسلمن فيتم مفاداتهن مقابل المال أو يبقين مسعبدات دون أي اتصال جنسي بينهن وبين جنود داعش.
أما العذارى منهن فيتم توزيعهن بين العناصر ويسعبدن جنسيا، ولا يسري عليهن ما سبق من أحكام. وأرجأت داعش الجواب على استفسارات أخرى في ذات الاطار إلى مناسبة أخرى، ما يؤكد ارتباك قيادة داعش من “النازلة” وعجزها عن مجاراة المدى الذي وصلت إليه جرائم المنتسبين إليها.
ما ينطبق على “ولاية موزمبيق” قد ينطبق أيضا على فرع داعش في الكونغو الذي صعد من وثيرة هجماته ضد المدنيين والقرى المسيحية في شرق الكونغو وغرب أوغندا، كان آخرها الهجوم الذي استهدف مدرسة “لوبيريها” الثانوية في مدينة “مبوندوي” الواقعة على بعد أقل من كيلومترين عن الحدود الأوغندية مع جمهورية الكونغو الديمقراطية. هجوم أسفر عن مقتل أكثر من 40 شخصا أغلبهم طلاب وطالبات عمد عناصر التنظيم إلى حرق مضاجعهم ليلا وهم نائمون. بينما ظل آخرون في عداد المفقودين، ومن المرجح أن التنظيم قام بنقلهم إلى معاقله لتوظيفهم في أعمال السخرة والعبودية الجنسية.
وفي رسالة جردت فيها ولاية داعش في الكونغو عوائدها من السرقة والنهب والاسترقاق الجنسي، حتى يتسنى فيما يبدو لقيادة التنظيم في سوريا تحديد حصتها منها باسم “الزكاة” الواجبة، تضمن الجرد أصغر الأغراض مثل “إبر الخياطة” و” قطع الصابون” و”مناديل الحمام” إلى جانب حصيلتها من “العبيد” slaves وقسمتهم بين ” النساء” و” الأطفال” “والصبيان” و “والفتيات” مع وضع العدد في جانب كل فئة.
جذير بالذكر أن نادية مراد الفتاة الأيزيدية التي عانت من العبودية الجنسية في معاقل داعش في العراق، روت قصتها في كتاب بعنوان “الفتاة الأخيرة”، ونالت جائزة نوبل للسلام نظير شجاعتها، وتقديرا لجهودها في فضح انتهاكات التنظيم ضد المدنيين في العراق لاسيما الأقلية الأيزيدية في الشمال.
وسجلت نادية مراد في مذكراتها أن عناصر داعش في العراق وسوريا اعتادوا التناوب على اغتصاب الفتيات الأيزيديات في مخالفة حتى لقانون “السبي” الذي وضعوه لتقنين هذه الجرائم التي تركت جراحا غائرة في المجتمع الايزيدي لم تندمل حتى الآن.
