عصفت حملة حظر واسعة النطاق بأهم الحسابات والقنوات والمجموعات التي يستخدمها ويرتادها أنصار تنظيم القاعدة على تطبيق تيليجرام. بدأت حملة الحذف أمس الأول عندما اختفت بشكل مفاجئ مجموعات ينشط فيها مئات من المستخدمين الذين يروجون مواد دعائية تعود لتنظيم القاعدة وأفرعه في العالم.
اللافت في حملة الحذف الجديدة أنها استهدفت هذه المرة أهم المجموعات المحسوبة على القاعدة والتي ظلت نشطة على منصة تيليجرام لأكثر من 4 سنوات، وتمكنت سابقا من النجاة في حملات حظر متعددة أطلقتها الشركة المالكة للتطبيق، بشراكة مع مراكز متخصصة في رصد الانشطة المتطرفة على الانترنت، والتبليغ عنها، مثل المركز العالمي لمكافحة التطرف “اعتدال”.
مدراء ومشرفو المجموعات التي تعرضت للحذف عادوا خلال ساعات وأسسوا مجموعة بديلة، وفتحوا نقاشا حول أسباب الحذف، وعبروا عن مشاعر الإحباط التي انتابتهم بسبب الطابع المفاجئ لحملة الحظر بحيث لم يتمكنوا من سحب أرشيف مجموعاتهم بعد سنوات من النشر الدؤوب عليها.
كتب أحد مدراء المجموعات المحذوفة متحسرا في حساب بديل:” بعد صمود استمر لأربع سنوات جاء دور المجموعة لتكون هدفا للقصف” وأضاف:” كان على المجموعة أرشيف 10 سنوات تقريبا والآن فقدناه” وعلق أحد متابعيه بالقول:” خطر ببالي أن أعمل لها أرشيف لكن لم يدركنا الزمان”. وخصص الرواد حيزا من نقاشاتهم حول أسباب الحذف المفاجئ ولماذا استهدف هذه المرة مجموعات ظلت نشطة لأكثر من 4 سنوات.
عزى بعض الرواد أسباب الحذف إلى خاصية إضافة بوتات النشر إلى المجموعات، إذ يعمد المشرفون إلى منح صلاحيات النشر لبعض البوتات التي تعود إلى الأذرع الاعلامية لتنظيم القاعدة، وعندما يتم حذف هذه البوتات تتأثر أيضا المجموعات التي تقوم بالنشر عليها. وقد تم سابقا رصد بوتات تعود لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين في الساحل (الزلاقة) و حركة الشباب المجاهدين في الصومال (وكالة شهادة) إضافة إلى البوت الرسمي لمؤسسة السحاب التابعة للقيادة العامة لتنظيم القاعدة وغيرها وهي تقوم بالنشر الآلي على هذه المجموعات.
ما ميز المجموعات المحذوفة عن غيرها وربما كان ذلك سببا من أسباب نجاتها من حملات الحذف والحظر المتكررة في السنوات الماضية أنها مجموعات شبه مغلقة، إذ أن صلاحية إضافة الأعضاء محصورة في المشرفين فقط، ولا يمكن الدخول إليها من خلال روابط عامة، أو العثور عليها من خانة البحث في تطبيق تيليجرام.
تطور الخوارزميات التي تعتمد عليها الشركة الروسية أدى إلى الرفع من فعالية الرصد الآلي للمحتوى المتطرف وحذفه بعد فترة قصيرة من نشره. هذا إضافة إلى المساهمة التي يقدمها المستخدمون العاديون الذين يبلغون عن المحتوى المتطرف.
أما المساهمة الأكبر في هذا السياق فتأتي من المراكز والهيئات المتخصصة في تتبع ومحاربة النشاط الداعم للجماعات الارهابية على الانترنت. وقد نشر المركز العالمي لمكافحة التطرف “اعتدال” الذي يتخذ من المملكة العربية السعودية مقرا له حصيلة عمله في هذا الصدد وأكد أن “الجهود المشتركة بين المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) ومنصة (تليجرام) خلال الربع الأول من العام الحالي 2024م، مكنت من إغلاق 445 قناة متطرفة وإزالة 16.496.615 مليون محتوى متطرف والعائدة لثلاثة تنظيمات إرهابية”.
وأكد في إحاطة مقتضبة نشرها على موقعه الالكتروني بداية الشهر الجاري أنه “وللعام الثالث على التوالي مكافحة النشاط الدعائي لثلاثة تنظيمات إرهابية (داعش – هيئة تحرير الشام – القاعدة)، حيث تم إزالة 11.634.102 مليون محتوى متطرف وإغلاق 187 قناة متطرفة لتنظيم “داعش” الإرهابي، فيما تم إزالة 3.227.272 مليون محتوى متطرف وإغلاق 186 قناة لهيئة تحرير الشام الإرهابية، وإزالة 1.635.241 مليون محتوى متطرف وإغلاق 72 قناة متطرفة تعود لتنظيم “القاعدة” الإرهابي”.
وعلى الرغم من الحذف المتكرر للقنوات والمجموعات التي يستخدمها أنصار القاعدة وداعش إلا أنهم مازالوا يفظلون منصة تيليجرام على غيرها، ويعتمدون عليها في التواصل وبث الدعاية المتطرفة عليها.