يبدو أن تنظيم الدولة في الصومال (داعش) قرر توسيع نطاق سيطرته، ومد جغرافيا نفوذه إلى مناطق كانت في السابق تحت سيطرة حركة الشباب المجاهدين، الجماعة المسلحة الأقوى في الصومال والمرتبطة بتنظيم القاعدة.
تحركات داعش في شمال شرق الصومال جاءت استكمالا لحملة عسكرية بدأتها في 20 من يناير 2023 وامتدت إلى غاية 15 من نوفمبر 2023 وأسفرت حسب بيانات نشرها تنظيم داعش في فبراير الماضي عن مقتل وإصابة حوالي 238 عنصرا من حركة الشباب بينهم قادة ميدانيون بارزون، واستعادة السيطرة على أكثر من عشرة قرى أبرزها (دري مدو) و(جاتر اودن) و(شيباب) و(طادار) و(داسان) وغيرها .
شملت هذه المرحلة هجمات على مواقع حركة الشباب في وادي عرار أسفرت عن مقتل 12 عنصرا من الشباب، وقصفا لمواقعها بقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة، وعمليات صد ناجحة لمحاولات تقدم مقاتلي الشباب على المواقع التي سيطر عليها عليها عناصر داعش.
أما المرحلة الثانية فامتدت من أواخر يناير 2024 إلى التاسع من أبريل الجاري، وأسفرت حسب التنظيم عن مقتل وإصابة 50 عنصرا يتبعون حركة الشباب، والسيطرة على كامل جبال (عل مسكاد) الواقعة شمال شرق الصومال.
ونشر العدد الأخير من صحيفة النبأ التي يصدرها تنظيم داعش أسبوعيا تفاصيل عن العمليات التي شنها مقاتلوه ضد تمركزات وتحركات حركة الشباب في مناطق (عل مسكاد) وقد شملت كمائن وعمليات قصف وهجمات خاطفة انتهت حسب الصحيفة بالوصول “عمق المناطق التي تحصن فيها عناصر الحركة وحفروا الخنادق وبنوا المتاريس” مما أدى إلى انسحابهم من كل المواقع التي يتواجدون بها في جبال (عل مسكاد) وهي سلسلة جبلية في شمال شرق الصومال. وتمتد عبر منطقة تقع بين شرق كارين، إلى طرف القرن الأفريقي وتتبع لحكومة اقليم بونتلاند.
اللافت أن تنظيم داعش لم يعلن عن عملياته ضد حركة الشباب المجاهدين فور حدوثها كما جرت به عادته، إذ لم تشر إليها التحديثات الاخبارية لوكالة أعماق، كما لم يدرجها في الحصاد الأسبوعي الذي اعتاد نشره في منصاته الرقمية، مكتفيا بتقديم نشرة مقتضبة عنها بعد مرور أشهر من انتهاء المرحلة الأولى، ومرور 10 أيام على انتهاء المرحلة الثانية.
ولعل التنظيم يريد بذلك إحاطة تحركاته في شمال شرق الصومال (بونتلاند) بقدر من السرية، حتى لا تتعرض مواقعه للقصف، وحتى يتجنب استفزاز حركة الشباب إعلاميا والتي قد تسارع بسبب ذلك إلى إرسال تعزيزات كبيرة لاستعادة المناطق التي خسرتها.
وفي ذات السياق أشاد أبو حذيفة الأنصاري الناطق الرسمي باسم تنظيم داعش بانتصارات الفرع الصومالي على حركة الشباب، وقال في كلمته الأخيرة ” تحية إلى جنود الخلافة في أرض العسرة في صومال الثبات والنزال.. ونبارك انتصاراتهم الأخيرة على ميليشيات الردة في شرق الصومال، رغم اشتداد الحملة الجوية الأمريكية عليهم” وأضاف حاثا عناصره على مواصلة حملاتهم وتوسيع نطاقها ” فاثبتوا ولا تبرحوا مواقعكم، واسعوا في نقل الحرب إلى دار عدوكم، وفعلوا مفارز الأمن والاغتيالات، واقصدوا مراكز المدن بالهجمات”.
من جهتها لم تعلق حركة الشباب المجاهدين على مزاعم تنظيم داعش، ولم تتناول أذرعها الإعلامية المعروفة ما يحدث في شمال شرق الصومال، وركزت دعايتها على تغطية مجريات المعارك مع الحكومة الصومالية والعشائر المتحالفة معها.
وقد شهدت مناطق (عل مسكاد) اشتباكات متكررة، وتبادل السيطرة على أهم مواقعها، بين تنظيم داعش وحركة الشباب في السنوات الأخيرة كتلك التي وقعت في يناير 2022 وسقط فيها عشرات القتلى والجرحى من الطرفين.
يعود وجود داعش في الصومال إلى أكتوبر 2015 عندما انشقت مجموعات مسلحة عن حركة الشباب وبايعت زعيم داعش الأسبق أبو بكر البغدادي، ويعتبر ” مكتب الكرار” مسؤولا عن نشاطات داعش في شرق افريقيا واليمن، ويقوده المدعو عبد القادر مؤمن. وانحسر وجود داعش في مناطق شمال شرق الصومال الواقعة في إقليم بونتلاند، لكنه يقوم من حين لآخر بعمليات تفجيرة محدودة الأثر في العاصمة مقديشو.