عبد الغني مزوز—
تشهد مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات الجهادية اشتباكا حادا بين المؤيدين لتنظيم القاعدة وأيمن الظواهري من جهة والموالين لتنظيم الدولة الإسلامية وأبو بكر البغدادي من جهة أخرى, كل فريق يحاول أن ينبش في أرشيف الآخر لعله يجد فيه مادة يستطيع توظيفها لتشويه وإسقاط خصمه, ويبدو أن تراجع دور المنتديات الجهادية التي حافظت لمدة طويلة على خطاب إعلامي جهادي موحد أحدث شرخا كبيرا في الفعل الإعلامي الجهادي. ولعل هذا التراجع الذي حصل لحساب المواقع الاجتماعية من العوامل البارزة التي دفعت بأصوات جهادية رافضة للخطاب الجهادي السائد إلى الظهور والتبلور و أدت في النهاية إلى بناء رأي عام جهادي مناقض لما كانت تتبناه المنابر الجهادية التقليدية.
رغم أن معظم رموز التيار الجهادي وشيوخه المعروفين أعلنوا مواقفهم المؤيدة لتنظيم القاعدة ولفرعه في سوريا الممثل بجبهة النصرة, إلا أن هناك شخصيات أخرى قيادية في تنظيم القاعدة لازالت تعتقد أن ما تتعرض له الدولة الإسلامية في العراق الشام مؤامرة استطاع مدبروها إقناع الظواهري بأنها ليست كذلك. هذان الموقفان يؤشران بوضوح إلى وجود خلافات داخل تنظيم القاعدة بكل فروعه ويمكن أن تكون بعض المشادات الكلامية في تويتر بين ناشطي القاعدة دليلا على هذا.فقد تحول حساب مأمون حاتم القيادي بتنظيم القاعدة في اليمن إلى منصة للدفاع عن تنظيم الدولة الإسلامية في وجه خصومه بمن فيهم الجولاني قائد تنظيم القاعدة في سوريا الذي هاجمه مأمون حاتم في أكثر من مشاركة واتهمه بأنه هو من أوصل التيار الجهادي إلى أزمته الراهنة, وقام بإعادة تغريد عدد من المشاركات التي تصف القاعدة في سوريا بالصحوة, كما أيد كلمة العدناني “ما كان هذا منهجنا” التي هاجم فيها أيمن الظواهري وعلق عليها بالقول:” اللهم سدد عبدك العدناني وأنر بصيرته واشرح صدره بالحق وللحق يا حي يا قيوم” وفي سياق دفاعه عن تنظيم الدولة الإسلامي هاجم أبا مارية القحطاني الرجل الثاني في جبهة النصرة واستهزئ به بالقول : “لم أعد أخشى على رجال الدولة الإسلامية من جماعة رأسها ومرجعها أبو ماريا لكن من أنفسهم سأنام الليلة نوما هنيئا .وليهنكم الجلاكسي..”.
مأمون حاتم ليس وحيدا من حيث مواقفه داخل قاعدة اليمن بل توجد شخصيات قيادية أخرى توافقه في آراءه لعل من أهمها عبد المجيد الهتاري وآخرون.
تعليقات مأمون حاتم وآراءه لم ترق لناشطي القاعدة في سوريا واعتبروها خروجا عن قرارات وتوجيهات أيمن الظواهري وهو ما أدى بأبي عبيدة الغريب أحد قادة تنظيم القاعدة بسوريا (جبهة النصرة) إلى دعوة قاعدة اليمن لاتخاد إجراء جزري بحق مأمون حاتم فكتب يقول:” إلى متى يترك تنظيم القاعدة فى اليمن المدعو مأمون حاتم يبث سمومه ويطعن فى قاعدة الجهاد إن لم تكن تعجبه القاعدة فليخرج ويريحنا من شره”.
هذه السجالات التويترية ليست سوى قمة جبل الجليد, وتعكس مدى صعوبة استتباب الأمر لصالح أيمن الظواهري, في ظل وجود جيوب داخل تنظيم القاعدة متحفزة لأي مناسبة تكشف فيها ولائها للبغدادي, فقد أعلنت قيادة المنطقة الوسطى في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي تأييدها للدولة الإسلامية في حربها مع خصومها. وهناك تسريبات ينشرها أنصار الدولة الإسلامية حول وجود مؤيدين للبغدادي في أفغانستان. كما أن مختار أبو الزبير أمير حركة الشباب المجاهدين في الصومال المرتبطة بالقاعدة, قد لا يفوت هذه الفرصة من أجل التحلل من التزاماته أمام أيمن الظواهري, وإنهاء علاقته بالقاعدة وهو الرجل الذي اتهمه جهاديون في الصومال بينهم أبو منصور الأمريكي بالقيام بحملة تصفيات للكوادر المؤيدة لتنظيم القاعدة داخل الحركة الجهادية في القرن.
القاعدة أمام تحدي كبير و مهمة ثقيلة تتمثل في تقويض شرعية تنظيم الدولة وإنهاءها, وهو ما نجحت فيه إلى حد كبير عندما استطاعت ضمان ولاء نخبة التيار الجهادي ومثقفيه بدون استثناء.