العالم يعرفه باسم “الجهادي جون“، إنه الرجل الملثم ذو اللكنة البريطانية الذي قام بقطع رؤوس عدد من الرهائن الذين احتجزهم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، والذي يظهر في مقاطع فيديو انتشرت بشكل كبير على الإنترنت.
لكن اسمه الحقيقي وفقًا لأصدقاء له وآخرين مطلعين هو محمد الموازي، وهو بريطاني من عائلة ميسورة نشأ في غرب لندن، وتخرج من الجامعة بشهادة في مجال برمجة الكمبيوتر، ويُعتقد أنه سافر إلى سوريا في 2012 وانضم في وقت لاحق إلى داعش، التنظيم الذي أصبح رمزًا للهمجية.
“ليس لدي شك في أن محمد هو الجهادي جون“، هكذا قال أحد أصدقاء الموازي المقربين الذين قابلتهم واشنطن بوست، مضيفًا “كان مثل أخ لي، أنا واثق من أنه هو”.
أحد ممثلي جمعية حقوقية بريطانية كان على اتصال مع الموازي قبل مغادرته إلى سوريا، قال إنه يعتقد أيضًا أن الموازي هو الجهادي جون، وهو اللقب الذي أُعطي له من قِبل بعض الرهائن الذين احتجزهم وتم الإفراج عنهم لاحقًا.
عاصم القرشي، مدير الأبحاث في مجموعة CAGE الحقوقية قال إن هناك تشابه قوي للغاية بين الموازي وبين الجهادي جون، وهو “ما يجعلني أشعر بأنهما نفس الشخص”.
السلطات البريطانية استخدمت العديد من وسائل التحقيق، بما فيها تقنيات تحليل الأصوات، ومقابلات مع محتجزين سابقين في محاولة لتحديد الجهادي جون، جيمس كومي من مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، في سبتمبر وبعد شهر واحد من قتل الجهادي جون للصحفي الأمريكي جيمس فولي، قال إنهم يعتقدون أنهم نجحوا في تحديد هوية الرجل.
ومع ذلك، ظلت هوية الجهادي جون محاطة بالسرية والتكتم، ومنذ اغتيال فولي، ظهر جون في سلسلة من مقاطع الفيديو التي توثق عمليات قتل بشعة لرهائن آخرين، بما في ذلك أربعة غربيين ذبحهم الجهادي جون بيديه.
في كل الفيديوهات، كان الرجل يرتدي زيًا أسود، وأقنعة تغطي وجهه عدا عينيه وأرنبة أنفه، ودومًا ما يظهر مرتديًا حامل سلاحه تحت ذراعه اليسرى.
متحدثة باسم السفارة البريطانية في واشنطن قالت إن “رئيس الوزراء يريد أن يواجه كل هؤلاء الذين ارتكبوا عمليات القتل نيابة عن داعش، العدالة جزاء لأفعالهم المروعة، هناك تحقيقات مستمرة، ومن غير المناسب أن تعلق الحكومة على أي جزء منها قبل أن تنتهي تلك التحقيقات”.
أثناء إعداد هذا التقرير، رفض مسؤولون أمريكيون التعليق، كما رفضت عائلة الموازي طلب مقابلة، استنادًا إلى مشورة قانونية.
والموازي بريطاني في منتصف العشرينات، ولد في الكويت، ويبدو أنه لم يترك إلا أقل القليل مما قد يدل عليه على وسائل التواصل الاجتماعي، أولئك الذين عرفوه يقولون إنه كان مهذبًا، ويميل إلى أن يظهر حسن الهندام، مع التزام ديني واضح، كما أكد أصدقاؤه أنه كان قد أطلق لحيته، كما أنه لم يكن مرتاحًا للنظر إلى النساء أثناء حديثه معهن، كبر الموازي في حي للطبقة المتوسطة في لندن، وفي بعض الأحيان كان يصلي في مسجد في غرينتش.
الأصدقاء الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم نظرًا لحساسية الموضوع، يعتقدون أن تطرف الموازي بدأ بعد رحلة سفاري في تنزانيا عقب تخرجه من جامعة وستمنستر.
الموازي واثنين من أصدقائه؛ ألماني اعتنق الإسلام يُدعى عمر، ورجل آخر يُدعى أبوطالب، لم يكملوا رحلتهم أبدًا، فبمجرد أن هبطوا في دار السلام، في مايو 2009 تم اعتقالهم من قبل الشرطة، واحتجازهم ليوم واحد، وغير معروف تمامًا ما هي أسباب ذلك الاحتجاز، لكن تم ترحيلهم في نهاية المطاف، طار الموازي لأمستردام، حيث ادعى أن ضابط مخابرات بريطاني اتهمه بمحاولة الوصول إلى الصومال، حيث تعمل حركة الشباب في الجزء الجنوبي من البلاد، وفقًا لرسائل البريد الإلكتروني التي أرسلها إلى القرشي والذي تحصلت عليها واشنطن بوست.
نفى الموازي الاتهام وادعى أن ممثل المخابرات البريطانية حاول تجنيده، لكن رهينة سابق لدى داعش قال إن الجهادي جون كان مهتمًا للغاية بالصومال، وجعل الرهائن يشاهدون أشرطة فيديو عن
تنظيم الشباب المتحالف مع القاعدة.
هذه الحادثة كانت قد ذُكرت في صحيفة الإندبندنت البريطانية والتي قالت إن اسم الموازي هو “محمد بن معظم”.
سُمح لاحقًا للموازي ورفاقه بالعودة إلى بريطانيا، حيث التقى القرشي في خريف عام 2009 لمناقشة ما حدث، وحسب القرشي فإن “محمد كان غاضبًا بشدة من طريقة معاملته”.
بعد فترة وجيزة، قرر الموازي الانتقال إلى مسقط رأسه، الكويت، حيث حصل على وظيفة في شركة كمبيوتر، وفقًا لما كتبه لقرشي في رسائل البريد الإلكتروني، وعاد إلى لندن مرتين خلال تلك الفترة، كانت الثانية لوضع اللمسات الأخيرة على خطط زفافه من امرأة في الكويت.
وفي يونيو 2010، احتجزه مسؤولو مكافحة الإرهاب في بريطانيا، وهذه المرة قاموا بأخذ بصماته، وفحص ممتلكاته وتفتيشها، وعندما حاول أن يعود إلى الكويت في اليوم التالي، مُنع من السفر، “كانت لدي وظيفة تنتظرني وكنت على وشك الزواج”، كتب محمد في رسالة بريد إلكتروني في يونيو 2010 لقرشي، وتابع “الآن أشعر وكأنني سجين، فقط لست في قفص، لكني في لندن، شخص مقيد الحركة يتحكم في حركتي رجال الأمن، ويمنعونني من حياتي الجديدة في مسقط رأسي وبلدي الكويت”.
وبعد ما يقرب من أربعة أشهر، عندما حكمت محكمة في نيويورك على عافية صديقي، أحد عناصر تنظيم القاعدة والتي أُدينت لمحاولتها قتل أفراد قوات أمريكية في أفغانستان بالسجن الطويل، أعرب الموازي عن تعاطفه وقال “سمعت الخبر المزعج فيما يتعلق بالأخت عافية، وهذا يجب أن يجعلنا أكثر قوة في قتالنا من أجل الحرية ومن أجل العدل”.
في المقابلة معه، قال القرشي إنه تواصل لآخر مرة مع الموازي في يناير 2012 عندما أرسل له الموازي رسالة طلبًا للمشورة، يقول القرشي “هذا شاب كان مستعدًا لاستنفاذ كل السبل المتاحة من داخل الدولة لأن يغير من وضعه الشخصي”، وتابع “لكن تم اتخاذ العديد من الإجراءات لتجريمه، ولم يكن لديه أي حل تجاه هذه الإجراءات”.
أصدقاء مقربون من الموازي قالوا إن وضعه في لندن جعله راغبًا بشدة في مغادرة البلاد، ومن غير الواضح تمامًا كيف وصل إلى سوريا أو متى.
لكن أحد الأصدقاء قال إنه يعتقد أن الموازي أراد السفر إلى السعودية لتعليم اللغة الإنجليزية عام 2012، لكنه لم يوفق في ذلك، وبعد ذلك بوقت قصير، ذهب ولم يعد.
أحد أصدقائه قال إنه كان مستاءً وكان يريد أن يبدأ حياته في مكان آخر، وأضاف “وصل محمد إلى مرحلة لم يكن يفعل شيء سوى محاولة إيجاد وسيلة أخرى للخروج”.
وبمجرد أن وصل إلى سوريا، تواصل الموازي مع عائلته وأحد أصدقائه على الأقل، ومن غير الواضح ما الذي أخبرهم به عن أنشطته هناك.
لكن رهينة سابق تم التحقيق معه من قِبل المسؤولين عقب الإفراج عنه قال إن الجهادي جون كان أحد أفراد الفريق الذي يحرس المسجونين الغربيين في سجن في إدلب السورية في 2013، الرهينة أطلق على السجن اسم “الصندوق”.
انضم الموازي إلى اثنين آخرين ذوي لهجة بريطانية بما في ذلك الرجل الذي يُطلق عليه اسم “جورج”، وقال رهينة سابق إن الموازي شارك في تعذيب أربعة رهائن آخرين بأسلوب الإيهام بالغرق، الذي تم الكشف عن أن المخابرات الأمريكية تتبعه مع معتقلي غوانتانامو، وصف رهائن سابقون جورج بأنه زعيم الثلاثة، الجهادي جون كان هادئًا وذكيا، قال أحد الرهائن “لقد كان الأكثر تأنيًا من بينهم”.
بداية في وقت مبكر من 2014، تم نقل الرهائن إلى سجن في مدينة الرقة السورية، العاصمة الفعلية لداعش، حيث زارهم الثلاثي أكثر من مرة، وكان يبدو أنهم قد وصلوا إلى مناصب أعلى في التنظيم.
في الوقت نفسه تقريبًا، بعث القرشي برسالة إلكترونية إلى الموازي، “كنت أتساءل عما إذا كان ممكنًا أن ترسل لي رقم هاتفك، سيكون جيدًا أن نتكلم قليلاً إن شاء الله”.
لكن الرد لم يأت أبدا!