أسبوع من مقتل أسامة بن لادن في فجر الأول من مايو/أيار الماضي نعى الناعي
المرحوم مهند عثمان يوسف (1979) الذي استشهد في الصومال. وكان تسلل إليه
هاربا من حكم بالإعدام لدوره في قتل جون قرانفل موظف المعونة الأميركية
وسائقه عبد الرحمن عباس، فجر رأس السنة عام 2008، وانشغل العالم بالطبع
بموت أمير لواء المجاهدين دون جندي البيادة.
معنى دعوة بن لادن النجم المضاد وممارسته لا تفصح عن ديناميكيتها بمثل ما
تفصح متى قرأناها في ضوء حياة جندي البيادة القصيرة الحافلة المؤسفة.
تواضع المحللون عليه من أن ربيع العرب السياسي قد أحال تكتيك القاعدة
الجهادي إلى الاستيداع يكون موت الأمير وجندي البيادة مجانيا، فهو موت
للجسد والوعد السياسي معا، فخلصت “النيشن” الأميركية إلى أن القاعدة فقدت
معركة الأفكار في ربيع العرب.
“ |
فالشارع
الناهض لا يتناصر على حرب الحضارات بل من أجل الديمقراطية والتنمية
والتعاطي مع العالم خيره وشره. فالثورات، بمطلبها في الديمقراطية، في قول
بيتر بيرقن في مجلة التايم أعفت حتى أميركا من التمحل بتلك الذريعة للتدخل
في الشأن العربي، فالثورات لم تطلب نظاما “طالبانيا” بل صار المستبدون،
الذين ظهرهم إلى الحائط، من يروع أميركا بأن تلك الثورات طالبانية.
نبل فداء مهند (كيف تنكد على من سام الروح مثله وتقحم الموت أصالة؟) من
القول إنه فاقد سياسي بالنظر إلى سنن العمل السياسي في السودان الشمالي،
موطنه. فقد قام ذلك الأداء على الشغل وسط الشعب وتأليبه على معاني الوطنية
والديمقراطية والتقدم.
الإسلامية لم يستهوها خط “التكفير والهجرة”، فانتبذته وشددت على العمل بين
الجماعة المسلمة في النقابات واتحادات الطلاب والعمال وروابط القبائل
والطوائف الصوفية في منافستها اللدود للشيوعيين الذين سبقوها إلى هذه
الكيانات.
الإسلاميون في لجة ثورة أكتوبر 1964 صابروا نظام الفريق عبود العسكري
(1958-1964) وعملوا جنبا إلى جنب حتى مع الشيوعيين للثورة، بل لم يثنهم عن
النضال للإطاحة بنظام عبود مشروعه اليائس لحل مسألة جنوب السودان بالأسلمة
والتعريب.
الحال غير الحال لكان مهند كادرا إسلاميا (أو يساريا حتى) يخدم بين الشعب
على السنة المعروفة، ففيه تلك النجابة والغيرة والفدائية التي اتسمت بها
حياة شباب السودانيين المشغولين بالسياسة في أجيال سبقته.
يوسف (29 سنة) ضابط بالقوات المسلحة متقاعد ومن حي أنا، حلة كوكو، بمدينة
الخرطوم بحري. تلقى تعليمه الأولي بالسعودية ثم أكمله بالسودان واختار
الكلية الحربية على الالتحاق بكلية الهندسة بجامعة الخرطوم وقد استحقها.
قوافل المجاهدين التي جيّشها نظام الرئيس البشير (1989) من الطلاب لحرب
الجنوب. وخرج من بينهم “الدبابون” الذين يسعون بظلفهم لملاقاة الدبابات
متى تعذر صدها بطرق أخرى. ودخل حومة الوغي في الجنوب أكثر من مرة. وأصابه
من ذلك شظايا ظل بعضها بجسده حتى مقتله. ولم يكد يلتحق بالجيش حتى أحيل
للتقاعد وهو لا يزال برتبة الملازم الأول.
مقتل قرانفل وسائقه صبيحة ليلة رأس السنة في 2008 من باب ما عرف بـ”خلية
السلمة” والسلمة حي شعبي بالخرطوم. ففي 12 أغسطس/آب 2007 فوجئ سكان الحي
بانفجار في بيت به وخروج شباب منه يحملون مصابا هرعوا به للمستشفى. ومنعوا
من هب من الجيران من مساعدتهم أو دخول المنزل. فأبلغ السكان الشرطة التي
أمنت الموقع لتجده مأوى لخلية مجاهدين.
أن اكشفت غيره في سوبا شرق بالخرطوم وضاحية الحتانة بأم درمان. ووجدت
الشرطة بيت السلمة حوى كل مستلزمات صناعة متفجرات بما في ذلك كتاب مرشد
لذلك.
المتفجرات مخزونة، في حديث العميد (م) عبد العزيز خالد لفتحي خالد بجريدة
الأحداث الذي خدم قصة هؤلاء المجاهدين بمهنية صحفية كبيرة، على الأصول
العسكرية في ممرات خرسانية تفاديا من أن تنفجر جراء الاحتكاك أو حرارة
الطقس.
وثلاثة من صحبة السلمة عن الشرطة حتى تقرر أن يسافروا إلى دارفور لمسحها
من جهة صلاحيتها لعملهم الجهادي. وكان بينهم نقاش حول المثابرة في السودان
أو الهجرة إلى الصومال ومواصلة جهادهم فيه. واستقروا على البقاء بالسودان.
وتعرفوا في درفور إلى محمد مكاوي إبراهيم، الطالب بجامعة السودان كلية
الهندسة قسم الطرق والكباري، الذي سيكون المتهم الأول في قضية قتل قرانفل
الأميركي.
دارفور ركوبا على ظهور الخيل، وانتهوا إلى عدم صلاحية المنطقة بالنظر إلى
وجود قوات الأمم المتحدة وحركات الإقليم السياسية المسلحة المعارضة وتكلفة
التشغيل التي لا استطاعة لهم بها، فقرروا العودة إلى الخرطوم واستهداف
الأميركيين بها، وحَذِروا في دخولهم الخرطوم.
جنسيات بأسماء أخرى من مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان الغربية، ثم
سافروا شمالا إلى مدينة عطبرة، مركز سكك حديد السودان، فاستأجروا بيتا
ومزرعة من تاجر من مدينة الدامر القريبة بألفي جنيه سوداني بعقد من محام.
للخرطوم، فتعرفوا إلى خريج كلية الدعوة وأصول الدين من المدينة المنورة
عبد الرؤوف أبوزيد، ابن الداعية المعروف من أنصار السنة، الذي سيكون
المتهم الرابع في قضية قرانفل، واستأجروا منزلا بالحارة العاشرة بمدينة
الثورة في أم درمان. وكلفوا مهندا بشراء السلاح وبحثوا عن هدف أميركي
لتصفيته أو تفجيره. واستأجروا سيارة أكسنت صالون وسزوكي للغرض. فجهزوا
للغزوة التي انتهت بقتل قرانفل من مال عهد به سعودي اسمه النعيم أبو محمد
إلى عبد الرؤوف ليحمله إلي المجاهدين في الصومال حين علم بنيته السفر
للجهاد بها.
الجماعة رأس السنة الميلادية لتنفيذ غزوتها. فخرج عبد الرؤوف وعبد الباسط
ومكاوي ومهند من أم درمان لحي الحاج يوسف بالخرطوم ثم إلى أحياء المنشية
والرياض حيث مواضع سكن الأميركيين وعملهم والنادي الأميركي.
جميعا محصنة، فعدلوا الخطة لاستهداف الخارجين من تلك الحفلات. ولم يحفلوا
بتعقب بعض الصينيين لأنهم “مساكين” في وصفهم لهم. ودوا لو عثروا على
بريطاني ليثأروا منه من فعلة المدرسة البريطانية جيليان قبونز التي أسمت
دبا باسم “محمد” في فصلها بمدرسة للصفوة السودانية فأثارت الرأي العام (أو
أثير) حتى برأتها المحكمة التي انعقدت لمقاضاتها بالإساءة للنبي الكريم.
“ سنحت الفرصة لمهند ومجموعته عندما ظهرت سيارة قرانفل البيضاء, فأطلقوا رصاصتين من طبنجته عيار 6 فقتل قرانفل وسائقه “ |
ثم
سنحت لهم الفرصة فظهرت سيارة قرانفل اللاندكروزر البيضاء بلوحتها
الدبلوماسية وهي تأخذ شارع البروفيسور عبد الله الطيب. ولما صار بينهم
وبينها 500 متر خرج محمد مكاوي إبراهيم بنصف جسده من نافذة سيارته وأطلق
رصاصتين من طبنجته عيار 6 فقتل قرانفل. وأصاب عبد الباسط حاج الحسن، تاجر
ركشات بحلة كوكو بالخرطوم بحري، سائق اللاندكروز بست طلقات من كلاشنكوف.
واختفوا.
مسؤوليتهم عن المقتلة باسم “أنصار التوحيد” وكان دافعهم الرد على ما راج
من أن وراء مقتل الأميركي دوافع جنسية. فأرسل عبد الرؤوف البيان إلى موقع
“الإخلاص والحسبة” الذي يشترك فيه. كما بعث به إلى قناة الجزيرة وبي بي سي
التي أخرجته عن معناه.
الشرطة لاحقا من إلقاء القبض على القتلة الهاربين، ولكن ليس بعد تبادل
لإطلاق النار معهم ترك مهند مصابا في فخذه. وصار مهند المتهم الثالث في
القضية. فحكمت عليه المحكمة والثلاثة الباقين بالإعدام. ولما ظن
السودانيون أن تلك نهاية الحكاية التراجيدية فاجأهم قتلة قرانفل بالهروب
الكبير من سجن كوبر العتيق بمدينة الخرطوم بحري ليلة 10 يونيو/حزيران
2010. وكان تسربهم من السجن عبر مجار قديمة للصرف الصحي. وانتظرتهم سيارة
دفع رباعي حملتهم لخارج العاصمة.
بحاجز بأطراف أم درمان اشتبكت معهم فقتلوا شرطيا وأصابوا آخر. وولوا
الأدبار عابرين النيل الأبيض إلى حيث ضاع خيطهم عن الشرطة التي لم تقبض
منهم إلا على عبد الرؤوف أبو زيد محمد حمزة. وطوى أمر الفارين النسيان حتى
جاء خبر مقتل مهند في الصومال.
سبق إلى معنى الفاقد السياسي في مثل الانطفاء المبكر لحياة مهند في طريق
القاعدة مثل إدوارد سعيد. بل لم أجد من تشبث كالغريق بصحوة العرب وهو يدرى
أن احتقارهم بين الملأ، كما قال، بلغ درجة من الكثافة بوسعنا قطعه بسكين.
مفهومه العميق للمقاومة استماته عند التفاؤل بربيع العرب. وقد فهم في
كتابه “مسألة فلسطين” المقاومة لا كممارسة مما نتورط فيه منذ زمن حتى
ارتدت أسلحتنا إلى صدورنا، فقد اشترط لها الكفاءة والنفاذ، وضرب لذلك
مثلا.
وهو طفل عمن له يقول سيكفينا الصهاينة أهل قرية ذكرها لو خرجوا لهم
بعصيهم. وخروج العصي هو عنوان القاعدة. ولكن سعيدا يريد من المقاومة أن
تكون قرينا للنهضة العربية. فوظيفتها إدراك الفاعلية الفلسطينية. وضرب على
المقاومة النافذة اتفاق وقع لهم في مجلس التحرير الفلسطيني، الذي كان عضوا
به، بأن مقاومتهم ليست لكيان صهيوني لاسترداد الأرض السليبة.
فلسطين، في اعتقاد سعيد، هي المقاومة الساعية لفهم المصير الفلسطيني.
ولأنها تريد بلوغ تلك الفاعلية، مرتكز النهضة، فهي ليست مما يقتصر على
أعمال العنف. ورأى سدادا جوهريا في الانتقال من مقاومة القرويين الغلاظ
ذوي العصي إلى مقاومة تستوعب الفاعلية الصهيونية فتطولها وتتطاول عليها.
كأعلى مراحل الشر والجشع، من صنع العالم. وكان من شروط حضورها تغييب
الفلسطينيين. وهي محض تأويل واهم لذلك العالم المغيب. ومقاومتها مساهمة
غراء في نقد العالم.
للقاعدة في سياق مفهومه لاقتران المقاومة بالفاعلية وبالنهضة، فقال لديفيد
بارسمين في “لبروقرسيف” إن تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك قد
ضربت رموز الرأسمالية الأميركية وصلفها الحربي في الصميم. ولكنه عمل لم
يقصد صانعوه أن يخضعوا سداده للجدل وإقامة الحجة، فهو ليس جزءا من أي آلية
مفاوضة.
فليس
ثمة رسالة منتظرة أراد تبليغها ولا مطلب معروض على العالمين، فقد حَدَّث
عن نفسه وكفى وهذا من غرائب الأمور. وعليه فتلك التفجيرات تجاوزت فضاء
السياسة إلى فضاء الغيبيات. فمن وراء ذلك العمل عقل كوني شيطاني أعرض
بالكلية عن الحوار والتعبئة السياسية واللطف في كسب الناس للقضية، فهو
بالتالي قطعة إرهاب أخرس.
كيف تحاشى وصحبه إقليم دارفور للحرب الأهلية الدائرة ووجود القوات
الأجنبية. فبدلا أن تكون هذه المسألة شاغلا وقضية تدرجهم مدرج السياسة
والفاعلية وجدناهم انقلبوا عنها خشية شرورها ليحملوا قضيتهم الخرساء إلى
موضع ملائم هو الصومال أو صدور الأميركيين في الخرطوم.
مدينة عطبرة ليعودوا منها إلى الخرطوم. فلم تعد المدينة عندهم سوى محطة
لتضليل قوى الشرطة الملاحقة. فلم يستوقفهم من المدينة أنها التي شهدت مولد
أول نقابة عمالية في 1947 وصارت عاصمة الحركة الوطنية العمالية والكادحين،
فتربصت بها قوى الاستبداد في السودان المستقل فدمرتها تدميرا.
الرئيس جعفر نميري (1969-1985) منشأة السكة الحديد بأسرها بعد إضراب عمالي
في 1980، ووعد أن يحيل مدينة عطبرة، مركز المنشأة، إلى “سندة”، وهي نقطة
على خط السكة الحديد يتوقف فيها القطار لدقيقة أو نحوها لالتقاط ركابها
الريفيين قليلي العدد.
المدينة حاليا ككل النقابات تحت قوانين فظة أمنت للحكومة السيطرة عليها.
ولم تسترع مهند وصحبه هذه الحقائق السياسية والاجتماعية والدينية (كان آخر
رئيس للنقابة في عنفوانها عاملا وإمام مسجد من الإخوان المسلمين). فكانوا
مثل يزيد البسطامي طلب الحق في الآفاق بينما تركه وراءه في بلدته بسطام.
توقفت عنه في جرد حساب الفاقد السياسي في سيرة مهند الجهادية فهو قوله
استئجارهم منزلا ومزرعة بمدينة عطبرة للتمويه على الشرطة حتى يغادروها
للخرطوم لقتل أميركي ما. وأعادني هذا إلى سيرة مناضل يساري هو كامل محجوب
رواها في كتابه “تلك الأيام” الجزء الأول.
ولم يكد يتخرج من المدرسة الوسطى بتنظيم إسلامي سري في 1942. واتفق
للتنظيم أن استقلال السودان لن يحققه “أفندية” مؤتمر الخريجين (1939) الذي
ضم صفوة خريجي كلية غردون (1902) ولكن يحققه الرعاة والمزارعون مستندين
إلى قوتهم المسلحة.
الجماعة الإسلامية على مشروع تؤسس لنفسها به الاتصال بالشعب، وهو تشييد
ساقية جنوب مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض بؤرة للقاء مثقف المدينة
بكادحي الريف.
(15 سنة) للعمل في الساقية. وكان للساقية حمار يركبه أهلها إلى سوق مدينة
كوستي يبيعون حصادهم من الطماطم والبصل ويشترون حاجاتهم من سكر وشاي، وكان
أهل المنطقة من الرعاة يستغربون لأولاد المدن الذين رضوا العيش بينهم على
شظف ومكابدة.
“يوتوبيا” كامل ورفاقه الإسلاميين، فقد كان دخلهم من الساقية محدودا ولم
يكن عون الأصدقاء في كوستي وأم درمان، على سخائهم به، بكاف، فتلاشت هذه
البؤرة الثورية، غير أنها تجددت عند كامل في طوره الماركسي الذي بدأ
بالتحاقه بالحركة السودانية للتحرر الوطني الشيوعية عام 1946 حتى تفرع
بالحزب الشيوعي عام 1952.
الحزب ليكمل المهمة التي بدأها عام 1942 وهو في عداد الإسلاميين، ففرغه
للعمل بين مزارعي مشروع الجزيرة، بين النيلين الأزرق والأبيض، في 1952
ليبني قواعد لحزبه ولحركة المزارعين. وصار كامل أسطورة القرى لإخلاصه
واحتماله المشقة يزرع الريف مصابرا.
بذروة درامية حين رتب لتقاطر المزارعين في موكب لجب في 1953 احتل ميدان
عبد المنعم بالخرطوم (ميدان المولد سابقا واسمه حاليا ميدان الأسرة) لفرض
شرعية اتحادهم على الإدارة الاستعمارية فرضا. وصار الاتحاد بعد الاعتراف
به قدوة نقابية لمزارعين في الشمالية والنيل الأبيض وجبال النوبة.
لا
أعرف من لمس انسداد خطة القاعدة التي أخذت منا مهندا في الطرق الخطرة
قصيرة العمر مثل الأستاذ فهمي هويدي في كلمة له أخيرة. فقال إن طريق
الديمقراطية الليبرالية اللاحب هو الذي يحرر المعروفين بالمتطرفين من
انطوائهم على مشاربهم القاعدية.
تقدمت جماعتان منهم لتكوين أحزاب سياسية بعد أن أفتوا في ليل وحشتهم بحرمة
دخول البرلمان :”القول السديد في أن دخول البرلمان مناف للتوحيد”. وقال
هويدي إننا ينبغي ألا نقلل من مغزى انحياز “المتطرفين” إلى فكرة التغيير
بالحكمة البرلمانية والموعظة الليبرالية بدلا من العنف.
الأخير تسرب منا، للأسف، مهند. وقد يرطب قبره بالثلج والرحمة رضا والده عن
مسيرته، “وكنت أدعو له صباح مساء كلما أشرقت الشمس: اللهم إني راض عنه
فارض عنه”.