عبد الغني مزوز— تابِع @MAZOUZABDOLGHAN
يبدو أن الحملة الإعلامية المكثفة الموجهة لحركة الشباب المجاهدين التي دشنها تنظيم الدولة الإسلامية قبل أسابيع، بهدف فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، قد اتت أخيرا بعض ثمارها، حيث أعلن قيادي شرعي في الحركة انشقاقه عنها وبيعته “للخليفة إبراهيم” أمير تنظيم الدولة، فقد تداولت مواقع وصفحات إخبارية تسجيلا صوتيا للمدعو عبد القادر مؤمن وهو شرعي بحركة الشباب يعلن من خلاله بيعته لأبي بكر البغدادي، داعيا المقاتلين في الصومال إلى الإنضمام إليه نصرة لما اعتبرها ” خلافة إسلامية” و ” تحقيقا لواجب العصر المضيع”.
حركة الشباب المجاهدين ستجد نفسها في الأيام المقبلة مرغمة على الإنخراط في تحركات وإجراءات تحفظ بها تماسك البيت الداخلي للحركة، وهي التي لم تكن تسمح لأي شخصية كيفما كانت أن تخرج على الإعلام بآراء لا تتوافق مع ما اختارته القيادة العامة، ونموذج أبو منصور الأمريكي واضح في هذا السياق.
مصادر إعلامية تحدثت عن جهود كبيرة كانت تبدلها قيادة حركة الشباب المجاهدين منعا لأي انشقاقات في صفوفها لصالح تنظيم الدولة الإسلامية، من بينها حظر الحركة على عناصرها مشاهدة أفلام وإصدارات تنظيم الدولة، كما تقوم بتعزير كل من تبت ترويجه لها أو تبنيه لخطاب تنظيم الدولة خصوصا فيما يتعلق بالبيعةوالخلافة والموقف من تنظيم القاعدة وأيمن الظواهري. هذه الإجراءات نجحت في تحصين بنية حركة الشباب المجاهدين من أي انشقاقات وانقسامات لصالح تنظيم الدولة، رغم الجاذبية الكبيرة التي تمتع بها تنظيم الدولة في الفترة الماضية ونجاحه في التمدد إلى كل المناطق التي تنشط فيها القاعدة والجماعات الموالية لها، مما خلق تصدعات في تلك الجماعات والحركات بما فيها حركة طالبان التي تبايع جميع أفرع القاعدة أميرها الملا أختر منصور.
عبد القادر مؤمن الذي يتمركز بقواته في سلسلة جبال بولس يُتوقع إذا ما وصله دعم ومساندة من تنظيم الدولة خصوصا الفرع اليمني أن يقوم بالسيطرة على مدينة بوصاصو الساحلية والمهمة استراتيجيا واقتصاديا لإطلالتها على خليج عدن، ولمينائها النشط، ليجعل منها قاعدة الإنطلاق والتمدد إلى كافة أرجاء القرن الإفريقي، على غرار ما قام به تنظيم الدولة من السيطرة على المدن الساحلية أو ذات الجدوى الإستراتيجي والإقتصادي كخطوة أولى قبل استئناف التوسع والإنتشار، كما حدث في الموصل العراقية والرقة السورية وسرت ودرنة الليبيتين.
يُرجح في الأيام القليلة الماضية أن تقوم قيادة حركة الشباب المجاهدين بعملية تطهير واسعة النطاق لكل الجيوب التي يشك في ولائها لتنظيم القاعدة ولقيادة الحركة، ولا يُستبعد في هذا السياق أن يكون تعامل الحركة مع مجموعة عبد القادر مؤمن تعاملا عسكريا صرفا، بل أكد نشطاء جهاديون أن مصير مجموعة عبد القادر مؤمن سيكون مثل مصير تنظيم الدولة في درنة، يعني الإستئصال التام والنهائي. وقلل هؤلاء النشطاء من حجم الآثار التي يمكن أن تترتب عن بيعة عبد القادر مؤمن لتنظيم الدولة الإسلامية، على اعتبار أن عشرين فردا فقط من مجموعته هم من وافقوا على ولائه للبغدادي من أصل 300 هم تعداد قواته التي يقودها في شمال شرق الصومال.
تنظيم الدولة الإسلامية من جهته يُنتظر أن يخرج ببيان سريع يقبل من خلاله بيعة عبد القادر مؤمن ويدشن ولاية رسمية له في القرن الإفريقي، وهو الذي أرخى أدنه طيلة الفترة الماضية لإقتناص وتبني أي بادرة انشقاق عن حركة الشباب المجاهدين، إغاظة لأيمن الظواهري الذي نشر سلسلة من الحلقات باسم ” الربيع الإسلامي” هاجم فيها البغدادي وخلافته التي أعلنها و رفض ما يقوم به من شق لصفوف الحركات الجهادية، وهو ما رد عليه تنظيم الدولة بإطلاق حملة دعائية كبيرة تحرض الجهاديين في الصومال على الإنشقاق بحجة أن أيمن الظواهري الذي يدينون له بالولاء غير مؤهل للإمارة والقيادة بسبب انحرافاته العقدية والمنهجية.
الكثير من التطورات سيعرفها المشهد الجهادي في الصومال خلال الأيام القادمة، وقد تكون الإجراءات العسكرية التي قد تنخرط فيها حركة الشباب المجاهدين ضد مجموعة عبد القادر مؤمن نموذجا جديدا من الحلول التي قد يتبناها تنظيم القاعدة في عديد المواقع التي يتماس فيها مع تنظيم الدولة الإسلامية، خصوصا مع رفض هذا الأخير لكل مبادرات التعاون و المحاكم المستقلة التي اقترحها الظواهري في سلسلته المشار إليها، ووصف العدناني لها في آخر رسالة له “بالسفاهة”، ما يؤشر ببدء مرحلة جديدة عنوانها “الإشتباك الوجودي” و” الحرب الصفرية” بين القاعدة وتنظيم الدولة .. فلننتظر ونراقب.